كما لا بدّ من ملاحظة أنّ مبنى كلامهم هل هو حدسي وأمر اجتهادي لا يجب اتّباعه ، أم أنّه نصّ تعبدي شرعي يجب الإيمان والأخذ به ؟
فالفقهاء يأخذون بإطلاق مرسلة الاحتجاج للطبرسي : « من قال محمّد رسول الله فليقل عليٌ أمير المؤمنين » ـ مع أنّ الطبرسي متأخّر عن الشيخ الصدوق رحمهالله بعدّة قرون ـ ويتركون مرسلة الصدوق رحمهالله في الفقيه الخاصّة بالأذان ، والتي ذكر فيها الصيغ الثلاث للشهادة الثالثة ، وكذا تراهم يتركون ما يمكن أن يستند عليه في الاستنباط من اقرار الإمام المعصوم للشهادة الثالثة وخصوصاً لو قُرنَت بسيرة المتشرعة .
كما أنّهم يجهدون أنفسهم لتصحيح الشهادة الثالثة بالعمومات ، وقاعدة التسامح بأدلة السنن ، والشعارية ، ورجاء المطلوبية ، في حين أن في حيازتهم روايات صحيحة دالة ـ بنحو من انحاء الدلالة ـ على الولاية في الأذان بالخصوص كـ « حي على خير العمل » المصرَّح فيها من قبل الأئمّة على ذلك ، كما في رواية الصدوق في « التوحيد » ، و « معاني الاخبار » .
ألم يكن فيما رواه ابن أبي عمير ـ في التوحيد ومعاني الأخبار ـ عن الإمام الكاظم ما يفيدنا للاستدلال في الشهادة الثالثة .
وألم يكن نص الصدوق ـ في التوحيد ومعاني الأخبار ـ أقدم من نص الاحتجاج تاريخياً وأثبت منه روائيا ً .
فلماذا يترك هذا النص ويؤخذ بمرسلة الاحتجاج ، إن هذه الأمور لم تبحث بشكلها الدقيق في كتب القدماء فضلاً عن كتابات فقهائنا المتأخّرين . وحتى متاخّري المتأخرين .
وأمّا كتابات العقود الخمسة الماضية فهي الأُخرى لا تُسمن ولا تغني من جوع ؛ لأن أغلب أولئك المؤلّفين اكتفوا بنقل فتاوى الأعلام دون ذكر أدلتهم .