من هذه الدراسة ( حي على خير العمل ، الشرعية والشعارية ) .
وبهذا فقد أتضّح لك أن للسياسة دوراً في تحريف بعض الأحكام الشرعية واستبدالها بأخرى غيرها ، فلا يستبعد أن يكون بعض الرواة تركوا ما جاء في البيان السياقي للحيعلة الثالثة من قبل الأئمة تقية لأنّها هي الاشد من ذكر الحيعلة الثالثة والتي تركها الراوي فيما رواه عن الإمام علي في تفسـير الفاظ الأذان حسبما رواه الصدوق في التوحيد ومعاني الاخبار (١) .
فالرواة فيما يحتمل بقوة حذفوا الحيعلة الثالثة ـ والتي جاءت بياناً سياقياً من بعض الروايات ـ تقيّةً مع شدّة حرصهم وتمسكهم بالاتيان بها .
ومثله ما حكي عن بعض أئمّة أهل البيت وأنّهم كانوا يقولون : ( الصلاة خير من النوم ) وحمل الفقهاء والمحدّثون ذلك على التقيّة ، وبعد هذا فلا يستبعد أن يترك الأئمّة والرواية عنهم روايات الشهادة الثالثة التفسيرية تقية أيضاً .
وقد تمخّض البحث إلى الآن عن أنّ الحيعلة الثالثة ليس لها ظهور في الولاية إلّا بضميمة نصوص أُخرى دالّة عليها وهي نصوص الاقتران المارة ، والنصوص المفسِّرة لها على نحو التفسير السياقي ، كلّ هذا يضاف إلى أنّ خُلّص الشيعة في حلب وحمص وبغداد والقاهرة وفي القرون الثلاثة الأُولى ـ الثالث والرابع والخامس بالتحديد ـ كانوا يأتون بالشهادة الثالثة ، لأنّ الأئمة قد أجازوا لهم ذلك ، مضافاً إلى محكيّة تأذين أبي ذرّ أو سلمان بها في زمان رسول الله صلىاللهعليهوآله وأنّ مثله في الأحكام مثل الآيات المقروءة مع شأن نزولها في مصاحف الصحابة ، وأنّهم كانوا يقرؤونها لا اعتقاداً منهم بأنّها من القرآن (٢) ، بل لإثبات الحقائق ، وكذلك
__________________
(١) التوحيد : ٢٣٨ / ح ١ ، باب تفسير حروف الأذان ، معاني الأخبار : ٤٠ / ح ١ ، باب معنى حروف الأذان .
(٢) مر عليك بعض تلك القراءات انظر صفحة ١٠ ، ١١ ، ١٢ ، ١٩٧ إلى ٢٠٠ .