اجتهادهم ـ اعتقادات من تعدّى عنها نسبوه إلى الغلوّ ، مثل نفي السهو عن النبي ، أو إلى التفويض ، مثل تفويض بعض الأحكام إليه ، أو إلى عدم المبالاة في الرواية والوضع ، وبأدنى شيء كانوا يتهّمون ـ كما نرى الآن من كثير من الفضلاء والمتديّنين ـ وربّما يخرجونه من قمّ ويوذونه وغير ذلك (١) .
وقال الشيخ محمّد ابن صاحب المعالم : إنّ أهل قمّ كانوا يخرجون الراوي بمجرّد توهّم الريب فيه (٢) .
فإذا كانت هذه حالتهم وذا ديدنهم ، فكيف يعوّل على جروحهم وقدحهم بمجرده ، بل لا بدّ من التروّي والبحث عن سببه والحمل على الصحّة مهما أمكن (٣) .
والمطالع في رجال قمّ وتاريخها يقف على أسماء بعض المحدّثين الذين نقم عليه أهل قمّ لاتّهامهم بالغلّو ، والّذي مرّ عليك سابقاً سقم كلامهم ، كما فعلوه مع محمّد بن أورمة الذي أشاعوا عنه بأنّ عنده أوراقاً في تفسير الباطن ، والذي قال عنها ابن الغضائري : أظنّها موضوعة عليه (٤) ، وقد بَرَّأَ الإمام أبو الحسن عليهالسلام ابنَ أورمة من هذا الاتّهام وكتب إلى القميّين ببراءته .
بناءً على ذلك فليس من البعيد أن يكون شيخنا الصدوق قدسسره قد اتّهم القائلين بالشهادة بالولاية في الأذان بالوضع ، وذلك لنقلهم ما لا يتّفق مع مبناه ومبنى مشايخه المحدّثين ، فهم كانوا إذا وجدوا رواية على خلاف معتقدهم وصفوها بالضعف ، وراويها بالجعل والدس ، وهذا الاعتقاد يوجب إخراج كثير من
__________________
(١) حاشية مجمع الفائدة والبرهان : ٧٠٠ .
(٢) استقصاء الإعتبار في شرح الاستبصار ٤ : ٧٧ .
(٣) مقباس الهداية : ٤٩ .
(٤) رجال ابن الغضائري : ٩٣ / ت ١٣٣ .