وثانياً : إنّ الشيخ المفيد قد اختلف مع شيخه الصدوق رحمهالله في المسائل الكلاميّة الضروريّة والتي تمسّ أصل العقيدة ، أمّا قول الشهادة الثالثة في الأذان وعدمه فهي مسألة فقهيّة تتعلّق بأمر مستحب لا واجب ، ومعناه أنّ تركها لا يضرّ بالدين بالعنوان الأوّليّ في تلك الازمان ، وهذا ممّا لا يختلف عليه جمهور الشيعة .
إنّ تبنّي المفيد لرواية غير رواية الحضرمي تؤكّد وجود روايات صحيحة أُخرى تعمل بها الشيعة الإمامية « تزيد أو تنقص » عمّا رواه الحضرمي والأسدي ، خصوصاً وأنّ مذهب أكثر فقهائنا قديماً وحديثاً هو أنّ فصول الأذان والإقامة خمسة وثلاثون فصلاً .
وبعبارة اُخرى : إنّ الشيخ المفيد كان لا يريد الدخول في اُمور فقهية جزئية اجتهادية ، وخصوصاً حينما لا تكون تلك الأمور شائعة ورائجة عند جميع الشيعة ، وكان يرى في إتيان بعض الخلّص من الشيعة بما يدلّ على الولاية في أذانهم ما فيه الكفاية للمحافظة على شعاريّتها واستمرار شرعيّتها ، ولا داعي بعد ذلك للإفتاء بشيء ـ كالشهادة الثالثة ـ إذ الإفتاء بذلك قد يسبّب مشكلة للشيعة في وقت هم في أمسّ الحاجة فيه إلى الاستقرار .
أي إنّ الشيخ كان يرىٰ كفاية الحيعلة الثالثة للدلالة على وجود معنى الولاية في الأذان بحسب حسنة ابن أبي عمير عن الكاظم عليهالسلام ، ولا ضرورة للإجهار بـ « أشهد أن علياً ولي الله » في تلك الأزمان المفعمة بالاضطرابات السياسية والعقائدية .
وثالثاً : إنّ الشيخ المفيد وطبق منهجه أكد على شرعية الحيعلة الثالثة في كتاب ( الإعلام فيما اتّفقت عليه الإمامية ) ، فقال :
|
واتّفقت الإمامية على أنّ من ألفاظ
الأذان والإقامة للصلاة : حي على خير العمل ، وأنّ من تركها متعمّداً في الإقامة والأذان |