|
من غير اضطرار فقد خالف السنّة ، وكان كتارك غيرها من حروف الأذان ، ومعهم في ذلك روايات متظافرة عن رسول الله وعن الأئمة من عترته عليهمالسلام . وأجمعت العامّة فيما بعد أعصار الصحابة على خلاف ذلك وأنكروا أن تكون السنة فيما ذكرناه (١) . |
وجملة « ومعهم في ذلك روايات متظافرة . . . » و « أجمعت العامة فيما بعد أعصار الصحابة . . . » لتؤكّدان اهتمامه بالثوابت الفقهية والعقدية العامّة عندنا ، وسعيه لتحكيمها ، مع تأكيده على الدور التحريفي للعامّة في العصور اللاحقة ، متغاضياً عن الإشارة إلى الفصول غير الواجبة والتكميلية كالشهادة الثالثة .
ورابعاً : إنّ الفترة التي عاش فيها المفيد في بغداد ـ وهي عاصمة الدولة العباسية السنية ـ كانت طافحة بالصراع السني الشيعي ، لأنّ كلّ واحد من الطرفين كان يسعى لتحكيم موقفه الفقهيّ والسياسيّ .
ولأنّ الشيعة أخذوا قبال الدولة العباسيّة يشكّلون ويؤسسون الدول ، والمفيد رحمهالله كان في مأزق حقيقي ، لأنّه كان يعيش في بغداد عاصمة أهل السنّة آنذاك ، ومن المعلوم أنّ الذي يعيش في وسط محيط كهذا ، لا بدّ له أن يحترم آراء الآخرين ، ويكون مسالماً متقياً ، وخصوصاً مع علمه بأنّ له أعداء كثيرين يريدون أن يقفوا على رأي متطرف منه ـ حسب اعتقادهم ـ حتّى يمكنهم النيل منه .
جاء في البداية والنهاية : أنّ عبيد الله بن الخفاف المعروف بابن النقيب لمّا سمع بموت المفيد سجد شكراً لله ، وجلس للتهنئة ، وقال : لا أُبالي أيّ وقت متّ بعد أن شاهدت موتَ ابن المعلم (٢) ، هذا من جهة .
__________________
(١) الإعلام : ٢٢ ، تحقيق : الشيخ محمّد الحسون . يمكنهم النيل منه .
(٢) البداية والنهاية ١٢ : ١٨ ، تاريخ بغداد ١٠ : ٢٨٢ / ت ٥٥٥٣ ، النجوم الزاهرة ٤ : ٢٦١ .