الحسين ، جبرئيل » (١) .
نعم إنّ أعمالاً كهذه في مصر والشام وغيرها كانت تثير حفيظة العباسيين في بغداد وغيرها من البقاع التي كانت تحت سلطنتهم ، فمن المنطقيّ جدّاً أن يترك الشيخ المفيد في كتبه ذِكْرَ الشهادة بالولاية لعليّ تخفيفاً لحدّة النزاع الدائر آنذاك ؛ لما فيها من حساسية مذهبية ؛ ولأنّها ليست جزءاً واجباً في الأذان تلزمه الإتيان بها في كل الظروف .
قال الذهبي : إنّ الرافضة شمخت بأنفها في مصر ، والحجاز ، والشام ، والمغرب بالدولة العبيدية ، وبالعراق والجزيرة والعجم ببني بويه . . . وأعلن الأذان بالشام ومصر بـ « حي على خير العمل » (٢) .
وقال ابن كثير : . . . استقرّت يد الفاطميّين على دمشق في سنة ٣٦٠ هـ وأذّن فيها وفي نواحيها بـ « حي على خير العمل » أكثر من مائة سنة ، وكتب لعنة الشيخين على أبواب الجوامع بها وأبواب المساجد . . (٣) .
ومر عليك أيضاً ما حكاه أبو الفرج الاصفهاني المتوفى ٣٥٦ عن أذان رجل من القطيعة في بغداد ، وفيه : أشهد أنّ عليّاً ولي الله ، محمّد وعلي خير البشر .
والآن استمع لما يحكيه ناصر خسرو المروزيّ الملّقب بالحجّة المتوفّى سنة ٤٥٠ هـ عما شاهده في رحلته إلى اليمامة سنة ٣٩٤ هـ ، وحديثه عن أحوال مدينتها ، قال : . . .
وأُمراؤها علويّون منذ القديم ، ولم ينتزع أحد هذه الولاية منهم . . . ومذهبهم الزيدية ، ويقولون في الإقامة : « محمّد وعلي خير البشر » ، و « حي على خير العمل » (٤) .
إذن الشيخ المفيد كان لا يريد تشديد الخلاف بين المسلمين ، لكن هذا لا يعني أنّه
__________________
(١) أعيان الشيعة ٨ : ٢٦٩ . وقد يكون في هذا إشارة إلى قصة أصحاب الكساء .
(٢) سير أعلام النبلاء ١٥ : ١٦٠ ، وانظر ١٧ : ٥٠٧ .
(٣) البداية والنهاية ١١ : ٢٦٧ .
(٤) سفرنامه ناصر خسرو : ١٤٢ .