نقض البيت وإعادة بنائه موجود ، لكن لم يؤسس النبي عليه حكماً ، لوجود مانع ، وهو حداثة عهد الصحابة بالجاهلية ، وكذا الحال بالنسبة إلى تأخير العشاء ؛ فقد تركه لأنّه إحراج للأمّة .
وعلى هذا الأساس يمكننا القـول بأنّ الاحتمال السابق يقوّي استدلال القائلين برجحان ذكر الشهادة بالولاية في الأذان ، وذلك لارتفاع المانع اليوم من ذكرها ، ولا خوف اليوم على الشيعة منها ، بل صارت شعاراً ورمزاً للتشيّع ، فلا يُستبعد ضرورة التمّسك بها ، كما هو مذهب السّيّدين الحكيم والخوئي ومذهب غيرهما من الفقهاء قدّس الله أرواحهم .
وفي الجملة : فإنّ الشـارع المقدّس وإن كان يدور تشريعه مدار الملاكات والمصالح والمفاسد إلّا أنّ الموانعَ مأخوذةٌ أيضاً في عملية التشريع ، ومن ذلك ما روته الأمّة عن النبيّ أنّ ملاك تشريع وجوب صلاة الليل في ليالي شهر رمضان موجود لكنّ النبيّ مع ذلك لم يشرّع ذلك لمانع وهو خوفه على الأمة من عدم الامتثال ثمّ الوقوع في المعصية ، ومن هذا القبيل الشهادة الثالثة ، فيمكن القول أنّ النبي لم يشرّعها مع وجود ملاكها خوفاً على الأمة من التخبط والتقهقر .
ومهما يكن ، فقد ورد عن أئمّة أهل بيت العصمة في ذلك روايات ظاهرة في أنّ الملاك لا يؤسّس حكماً شرعياً لو كان اقتضائياً ما لم يرتفع المانع ، وهو هنا الخوف على دماء الشيعة .
وإليك الآن بعض الروايات الدالّة على أنّ الأئمّة هم الّذين يوقعون الاختلاف بين الشيعة كي لا تعرف السلطات رأيهم ونظرهم في بعض الأحكام كما أشرنا .
فمن ذلك ما رواه في الكافي (١) في الموثّق عن زرارة ، عن أبي جعفر عليهالسلام قال : « سألته عن مسألة فأجابني ، ثمّ جاءه رجل فسأله عنها فأجابه بخلاف ما أجابني ،
__________________
(١) الكافي ١ : ٦٥ / ح ٥ ، باب اختلاف الحديث .