دخلت المسجد وبعض أصحابنا يصلّي العصر ، وبعضهم يصلّي الظهر ؟ فقال : أنا أمرتهم بهذا ، لو صلّوا على وقت واحد لعُرِفُوا فأُخذوا برقابهم » ، وهو أيضاً صريح في المطلوب ، إذ لا يخفى أنّه لا تطرُّقَ للحمل هنا على موافقة العامّة ، لاتّفاقهم على التفريق بين وقتي الظهر والعصر ومواظبتهم على ذلك (١) .
ومن ذلك أيضاً ما رواه الشيخ في كتاب العدّة (٢) مرسلا عن الصادق عليهالسلام : أنه « سئل عن اختلاف أصحابنا في المواقيت ؟ فقال : أنا خالفت بينهم » .
وما رواه الصدوق رحمهالله في علل الشرائع (٣) بسنده عن [ محمّد بن بشير و ] حريز ، عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : ( قلت له : إنّه ليس شيء أشدّ عليّ من اختلاف اصحابنا ، قال : ذلك من قِبَلِي » .
وما رواه أيضاً عن الخزاز ، عمّن حدثه ، عن أبي الحسن عليهالسلام ، قال : « اختلاف أصحابي لكم رحمة ، وقال عليهالسلام : إذا كان ذلك جمعتكم على أمر واحد » .
وسئل عن اختلاف أصحابنا فقال عليهالسلام : « أنا فعلت ذلك بكم ، ولو اجتمعتم على أمر واحد لأُخِذَ برقابكم » (٤) .
كان هذا عن المسائل المتباينة في الأحكام ، أمّا ما نحن فيه فلا تباين في أخبار الأذان ، بل بينهما إجمال وتفصيل ، ممّا يمكن الجمع بينها ، وخصوصاً بعد أن عرفنا أنّ الاختلاف في الرواية هو خير للأئمّة وأبقى لشيعتهم ، لانه عليهالسلام قال : « ولو اجتمعتم على أمر واحد لصدَّقَكم الناس علينا » . ثم يكيدون بنا ، وهذا ما لا يريده الأئمّة قطعاً .
__________________
(١) كما لا يخفى أنّ ملاك تشريع الجمع أرجح لكنّ المانع هو جملة الإمام عليهالسلام « لاخذوا برقابهم » .
(٢) عدة الأصول ١ : ١٣٠ / الفصل ٤ ، في مذهب الشيخ في جواز العمل بالخبر الواحد .
(٣) علل الشرائع ٢ : ٣٩٥ / الباب ١٣١ / ح ١٤ ، وعنه في بحار الأنوار ٢ : ٢٣٦ / الباب ٢٩ / ح ٢٢ .
(٤) علل الشرائع ٢ : ٣٩٥ / ح ١٥ / وعنه في بحار الأنوار ٢ : ٢٣٦ / الباب ٢٩ / ح ٢٣ .