وعلى هذا الأساس يمكن القول أيضاً بناء على ذلك الاحتمال : أنّ روايات الشهادة الثالثة ـ التي وصفها الشيخ الطوسي بالشاذّة ـ قد صدرت عن الأئمّة فعلاً ، لكنّها صدرت لا على نحو التشريع ؛ إذ لا تمتلك ملاكاً تامّاً للتشريع والفتوى بالاستحباب والقول بالجزئية ، بل صدرت عنهم عليهمالسلام باعتبار أنّ الملاك هنا اقتضائي لا غير .
وهنا لا بدّ من التاكيد إلى أنّ الشيخ قد يحتجّ ـ كما مّر ـ بالشاذّ ، فيحمل مضمونه تارة على الجواز ، وتارة على ضرب من الاستحباب ، ولكنّه هنا لم يفعل ، كما هو مقتضى الجمع بين الشاذّ وغيره سوى أنّه أفتى بالجواز بقوله : « لم يأثم » ، ومعلوم أنّ الجواز لا يتقاطع مع مفهوم التقيّة ، ولقد بَيَّنَّا سابقاً أنّ ما أسماها أخباراً شاذة لها حجيّة فعليّة في الجواز ، اقتضائية فيما عداه من الاستحباب . ونحتمل أنَّ الشيخَ لم يفت بالاستحباب طبق ما أسماه بشواذّ الأخبار لِما قلناه من أنّ الملاك عنده اقتضائيّ ولم يرتق لأن يكون علّة تامّة للحكم ، وعليه فلا يمكن القول بالجزئية .
الأمر الخامس : كما قُلنا بأنّ الشيخ الطوسي لا يرى تعارضاً مستقرّاً بين الروايات التي فيها الشهادة بالولاية مع التي ليس فيها ذلك ـ وأنّ إفتاءه بعدم الإثم في العمل بها يؤكّد بأنّه رحمهالله يرى لها نحوَ اعتبار على ما بينّاه سابقاً ـ كذلك يمكننا القول بأنّ الشيخ الطوسي لَحَظَ أدلّة المحبوبية المطلقة الأخرى التي تدعوه للقول بالجواز ، وأنّه يراها مشابهةً لما ورد من الأخبار في اختلاف فصول الأذان والإقامة ٣٥ ، ٣٧ ، ٣٨ ، ٤٢ فصلاً .
وقد أراد البعض أن يستفيد من عدم وجود نصوص دالة من المعصومين على الشهادة الثالثة أو عدم فعل المعصومين له الحرمة ، فقالوا أنّ المعصوم لو أراد الجزئية لكان عليه بيان ذلك ، ولمّا لم يذكرها عرفنا أنّها غير مطلوبة للشارع .
في حين أنّ المستدل
على الجزئيّة يجيبه بأنّ من الثابت علميّاً أنّ إحدى مقدّمات