أمّا لو اعتبرنا ورود تلك الأخبار على نحو التفسيرية والبيانية من قبل المعصومين فلا معنى لاعتبارها اخباراً شاذة وذلك لعدم معارضتها مع الروايات البيانية الصادرة عن المعصومين في صيغ الأذان .
وبهذا فلا يجوز الاخذ بالأخبار الشاذة أن اخذت على نحو الجزئية ، أمّا إذا اعتبرت من قبيل التفسير والاتيان بالمستحب ضمن المستحب كما هو الحال في استحباب الصلاة على الرسول كلما ذكر اسمه في الأذان أو في غيره لا يجعلها جزءاً من الأذان والإقامة ولا يبقى مانع من الاخذ بتلك الاخبار والعمل بها .
وعليه فالشيخ الطوسي فيما يحتمل قويّاً كان قد عنى بكلاميه الانفين الشيخ الصدوقَ ، وذلك لاتّحاد النصّ الموجود في « الفقيه » مع ما قاله الشيخ في « النهاية » و « المبسوط » .
الأمر السابع : من المعلوم أن الشيخ الطوسي قد وقف على كتب لم يقف عليها غيره ، منها مكتبتين عظيمتين : أولاهما : مكتبة أبي نصر سابور وزير بهاء الدولة البويهي (١) ، والذي قال عنها ياقوت الحموي : « ولم يكن في الدنيا أحسن كتباً منها ، كانت كلّها بخطوط الأئمة المعتبرة وأصولهم المحرّرة . . . » (٢) .
وثانيتهما مكتبة أستاذه السيّد المرتضى الثمانيني ـ والذي لقّب بهذا اللقب لأنّ مكتبته كانت تحتوي على أكثر من ثمانين ألف كتاباً سوى التي أهديت إليه من الرؤساء والأشراف والتجّار ، وله ثمانون قرية ، وتوفّي وعمره ثمانون عاماً ـ وقد كان السيّد المرتضى شيخ الشيعة في وقته وموضع اهتمام الجميع .
وقد استفاد الشيخ الطوسي من هاتين المكتبتين كثيراً قبل دخول السلاجقة بغداد
__________________
(١) الذي ولد في شيراز ٣٣٦ هـ وتوفي سنة ٤١٦ هـ .
(٢) معجم البلدان ١ : ٥٣٤ ، خطط الشام ٦ : ١٨٥ .