عام ٤٤٧ هـ وإسقاط الدولة البويهية وحرقهم لمكتبة أبي نصر سابور وغيرها من الدور الشيعية في الكرخ .
قال ابن الجوزي في حوادث سنة ٤٤٨ هـ : وهرب أبو جعفر الطوسي ونهبت داره (١) . ثم قال في حوادث سنة ٤٤٩ هـ :
وفي صفر من هذه السنة كبست دار أبي جعفر الطوسي متكلم الشيعة بالكرخ ، وأُخِذَ ما وجد من دفاتره ، وكرسيٌّ كان يجلس عليه للكلام ، وأُحرِقت مكتبته (٢) .
فيحتمل قويّاً أن يكون الشيخ الطوسيّ رحمهالله ـ قبل هجوم السلاجقة على بغداد ـ قد وقف على أخبار دالّة على الشهادة الثالثة في أُصول أصحابنا ، لكنّها كانت أخباراً آحاداً لا تقوى على معارضة غيرها ، ونظراً لاعتقاده بحجيّتها الاقتضائيّة دون الفعلية على ما فصّلنا سابقاً ، وأنّها حجّة عنده ، لفتواه بالجواز وعدم الإثم ـ خلافاً لأُستاذه المرتضى وتلميذه ابن إدريس في خبر الاحاد ـ كان عليه أن يأخذ بها ، ولمّا لم نره يأتِ بأسانيدها في كتبه فليس لنا إلّا أن نقول أنّه تركها لمخالفتها لما اشتهر عند الأصحاب من أنّ الشهادة بالولاية ليست جزءً في الأذان ، أو للتقيّة لأنّ الشيخ لم يأتِ بتلك الأخبار وأسانيدها للظروف التي كان يعيشها ؛ لأنّه مرّ بظروف قاسية جدّاً .
وممّا حُكي بهذا الصدد أنّه وُشي بالشيخ الطوسي إلى الخليفة العباسي بأنّه وأصحابه يسبّون الصحابة ، وكتابَهُ المصباح يشهد بذلك ؛ لما في دعاء زيارة عاشوراء : « اللّهمّ خصَّ أنتَ أوَّل ظالم باللعن مني . . . » .
فأجاب الشيخُ الخليفَة بأنّ المراد بالأول قابيل قاتل هابيل ، وهو أوّل من سنّ القتل والظلم . وبالثاني عاقر ناقة صالح . وبالثالث قاتل يحيى . وبالرابع عبد الرحمن بن ملجم قاتل علي بن أبي طالب .
__________________
(١) المنتظم ٨ : ١٧٣ .
(٢) أنظر المنتظم ٨ : ١٧٩ .