ولمّا كان غالب فقهائنا اللّاحقين (١) ـ مضافاً إلى الأدلّة الشرعية ـ يستندون في أقوالهم على فتاوى مَن سبقهم ، والشهرة قبل الشيخ الطوسي هي المعتمدة في الاستنباط لا بعده ، قال الشيخ حسن بن زين الدين العاملي في « معالم الأصول » :
|
. . . وبأنّ الشّهرة الّتي تحصل معها قوّة الظّنّ ، هي الحاصلة قبل زمن الشّيخ رحمهالله لا الواقعة بعده ، وأكثر ما يوجد مشهوراً في كلامهم حدَثَ بعد زمان الشيخ ، كما نبّه عليه والدي رحمهالله في كتاب الرّعاية (٢) الّذي ألّفه في رواية الحديث ، مُبيِّناً لوجهه ، وهو أنّ أكثر الفقهاءِ الّذين نَشَؤُوا بعد الشيخ ، كانوا يتّبعونه في الفتوى تقليداً له ، لكثرة اعتقادهم فيه وحسن ظنّهم به ، فلمّا جاء المتأخّرون ، ووجدوا أحكاماً مشهورة ، قد عمل بها الشّيخ ومتابعوه ، فحسبوها شهرة بين العلماءِ ، وما دروا أنّ مرجعها إلى الشّيخ ، وأن الشّهرة إنّما حصلت بمتابعته . قال الوالد رحمهالله : وممّن اطّلع على هذا الّذي تبيّنته وتحققّته ، من غير تقليد : الشيخ الفاضل المحقّق سديد الدّين محمود الحمصي ، والسيّد رضي الدّين بن طاوس وجماعة . وقال السيّد في كتابه المسمّى بـ ( البهجة لثمرة المهجة ) : أخبرني جدّي الصّالح ورّام بن أبي فراس ، أنّ الحمصي حدّثه أنّه لم يبق للإِماميّة مفت على التّحقيق ، بل كلّهم حاك ، وقال السيّد عقيب ذلك : والآن فقد ظهر أنّ الّذي يُفتَى به ويُجاب ، على سبيل ما حُفِظ من كلام العلماءِ المتقدّمين (٣) . |
__________________
(١) والذي ستقف لاحقاً على أقوالهم في الفصل التالي : ٣٥٥ .
(٢) انظر الرعاية في علم الدراية ، للشهيد الثاني : ٩٢ ، الحقل الرابع في العمل بالخبر الضعيف .
(٣) معالم الأصول : ٢٠٤ ، تحقيق الدكتور مهدي محقق .