في معرفة علوم الحديث (١) ، وابن عساكر في ترجمة أمير المؤمنين من تاريخ دمشق (٢) ، والخوارزمي في مناقبه (٣) ، في تفسير قوله تعالى ، ( وَاسْأَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رُّسُلِنَا ) (٤) عن الأسود ، عن عبد الله بن مسعود ، قال ، قال النبي : يا عبد الله أتاني الملك فقال : يا محمّد ( وَاسْأَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رُّسُلِنَا ) على ما بعثوا ؟ قلت : على ما بعثوا ؟ قال : على ولايتك وولاية علي بن أبي طالب .
فتنزيل الآية في التوحيد وفي تقرير الرسل على أنّهم بعثوا للدعوة إلى وحدانية الله وعبادته ، وأنّه لا معبود سواه ، وتأويلها في تقرير الرسل على رسالة المصطفى وولاية المرتضى .
وبعد كلّ هذا لا بدّ من توضيح حقيقة أخرى في هذا السياق ، وهي : أنّ كثيراً من النصوص الثابتة الصادرة عن ساحة النبوة والعصمة لا يمكن فهمها وقرائتها علمياً إلّا من خلال الإيمان بأنّ للقرآن والسنة المطهرة ظهراً وبطناً ، وأنّ القراءة السطحية للأمور عند البعض غير قادرة للوقوف على الكنوز المعرفية الكامنة في القرآن الحكيم والسنّة المطهرة ، ولأجل ذلك جاء عن المعصومين « إنّ حديثنا صعب مستصعب لا يحتمله إلّا ملك مقرب أو نبي مرسل أو عبدٌ امتحن الله قلبه للايمان » (٥) لأنّ معرفة كلامهم أو ما جاء في مقاماتهم من الصعب المستصعب تحمّله على عامة الناس ، ولعلّ من هذا المنطلق نُسِب البعض إلى الغلوّ ولم يكن غالياً في الحقيقة .
نعم ، وظيفة المسلم التعبّد بهذه النصوص الصحيحة والانقياد والتسليم لها ، لكن مع ذلك ينبغي تفسيرها بما يتلائم مع ثوابت الدين الأخرى لكي لا يتصوّر أنّها
__________________
(١) معرفة علوم الحديث : ٩٥ .
(٢) تاريخ دمشق ٤٢ : ٢٤١ .
(٣) مناقب الخوارزمي : ٣١٢ / ح ٣١٢ ، وانظر غاية المرام ٢ : ٢٩٣ ، وبشارة المصطفى : ٢٤٩ كذلك .
(٤) الزخرف : ٤٥ .
(٥) افرد الكليني باباً كاملاً في هذا الشأن انظر الكافي ١ : ٤٠١ ـ ٤٠٢ .