غلو أو تفويض وخروج عن الدين ؛ وقد تقدّم عليك أنّ حدّ التوحيد هو ولاية أمير المؤمنين علي عليهالسلام ـ كما جاء في تفسير القمي ـ ولا ريب في أنّ فهم هكذا أمور ليس بسهل ، خصوصاً إذا قرأناها طبقاً للمنهج البسيط الذي لا يرى أبعد من قدميه ؛ إذ يبدو للمطالع العادي عدم وجود علاقة بين التوحيد وولاية علي ؟
في حين أنّ المعرفة الأصيلة الكاملة ـ حسب أخبارنا ـ جازمة بأنّه ليس من أحد على وجه الأرض يعرف الله حق معرفته غير رسول الله والإمام علي وأولاده المعصومين ، وليس هناك منهج صحيح يعرّفنا بالله ورسوله غير منهج أهل البيت الذين طهّرهم الله من الرجس ، ولأجل ذلك جاء في بعض مصادرنا كمختصر بصائر الدرجات : عن النبي قوله : يا علي ما عرف الله إلّا أنا وأنت ، وما عرفني إلّا الله وأنت ، وما عرفك إلّا الله وأنا (١) . وفي كتاب سليم بن قيس : يا علي ، ما عُرف الله إلّا بي ثم بك ، من جحد ولايتك جحد الله ربوبيته (٢) .
وجاء في الزيارة الجامعة الكبيرة : « بموالاتكم علَّمنا الله معالمَ ديننا » .
وعليه فالتوحيد الصحيح لا يتحقق إلّا عن طريق أهل البيت ، كما لا يمكن الاهتداء إليه إلّا بواسطة هذا السراج والشعار والعلامة .
وبهذا نقول : إنّ معنى الشعارية ، والإشهادية ، والندائية ليس بكلام جديد كما قد يتوهّمه البعض ، بل هو منهج علمي استُظهِر واتُّخِذ من الأخبار المتواترة ، فلا يوجد أحد من المؤمنين ـ يؤمن بالله حق الإيمان ـ يمكنه أن ينكر مقام الإمام علي ، وأنّه سيّد عباد الله الصالحين ، وأنّ اسمه موجود في السماء وفي الأرض ، وفي عالم الذر ، والبرزخ ، وفي تلقين الميت وامثالها ، وأنّ الإمام علي بن أبي طالب عليهالسلام أكّد على هذه الكلية وأنه هو الشعار لهذا الدين ، بقوله عليهالسلام : « نحن الشعار
__________________
(١) مختصر بصائر الدرجات ، للحسن بن سليمان الحلي : ١٢٥ .
(٢) كتاب سليم بن قيس : ٣٧٨ .