على معنى الشعارية كذلك ؛ إذ الملاحظ أنّ القرآن قد وصف وظيفة النبي صلىاللهعليهوآله بالبيان والتبيين كما في قوله تعالى : ( لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهُمْ ) ، لكن لمّا وصلت النوبة إلى إعلان ولاية علي عليهالسلام قال سبحانه وتعالى ( بَلِّغْ مَآ أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وإِنّ لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ ) (١) ، ولم يقل بيّن . ولا يخفى عليك بأن معنى الشعارية منطوية في كلمة ( بَلِّغْ ) اكثر وأعمق من لفظة : ( لِتُبَيِّنَ ) ، إذ البيان للعقيدة والتشريع قد فعله النبي صلىاللهعليهوآله للناس ونشره للأمّة على أحسن وجه ، ولم يبق إلّا التأكيد على المعنى المطوي في لفظ ( بَلِّغْ ) وهو إعلانه أنّ علياً وليّ الله ووليّ رسوله ، وأنّه الشعار والنور الذي تهتدي به الأمّة من خلاله .
* ولندعم الشعارية بدليل آخر من القرآن ، وهو في سورة المائدة ـ بعد أن ذكر الكافرين وأهل الكتاب ـ مخاطباً المؤمنين بقوله : ( إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ * وَمَن يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ * يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَكُمْ هُزُوًا وَلَعِبًا مِّنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَالْكُفَّارَ أَوْلِيَاءَ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ * وَإِذَا نَادَيْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ اتَّخَذُوهَا هُزُوًا وَلَعِبًا ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَّا يَعْقِلُونَ ) (٢) .
فالآية الأُولى نزلت في الإمام عليّ حين تصدّق بخاتمه وهو راكع ، وهي ترشدنا إلى الترابط بين الشهادات الثلاث في الولاية الإلهية ، ومن أراد التأكد من كلامنا فليراجع كتب التفاسير في ذيل الآية الآنفة (٣) .
__________________
(١) المائدة : ٦٧ .
(٢) المائدة : ٥٥ ، ٥٦ ، ٥٧ ، ٥٨ .
(٣) الكشاف ١ : ٦٨١ ، تفسير البغوي ٢ : ٤٧ ، تفسير الطبري ٦ : ٢٨٧ ، تفسير السمرقندي ١ : ٤٢٤ ، تفسير السمعاني ٢ : ٤٧ ، تفسير القرطبي ٦ : ٢٢١ ، التسهيل لعلوم التنزيل ١ : ١٨١ ، زاد المسير ٢ : ٣٨٢ ـ ٣٨٣ ، الدر المنثور ٣ : ١٠٤ ، واخرجه الخطيب في المتفق عن ابن عباس .