ولا يخفى عليك بأن الأذان المحرّف هو الذي فيهما « الصلاة خير من النوم » والترجيع ، وهما مما رواه أبو محذورة (١) ، ومنه وقع الاختلاف بين المسلمين في هذين الأمرين ؛ هل أنّهما سنة أم لا .
بلى ان القوم قد حرفوا خبر المعراج المرتبط بالأذان ـ كما في رواية عمرو بن أذينه ـ وجعلوا اسم أبا بكر الصدّيق على ساق العرش بدل « علي أمير المؤمنين » . ولو أردنا استقراءه هذه الموارد لصار مجلداً ، مكتفين بما مر وما جاء في كتب القوم أنّهم جعلوا ابن أمّ مكتوم الأعمى يؤذن لصلاة الفجر ، وبلالاً يؤذّن الأذان الأوّل ـ أي قبل الفجر ـ كل ذلك لأنّ بلالاً لم يصح عنه أنّه قال في صلاة الصبح : « الصلاة خير من النوم » .
قال أبو محذورة : كنت أنا وسمرة وأبو هريرة في بيت ، فجاء النبي فأخذ بعضادتي الباب ، فقال : آخركم موتاً في النار ، قال أوس بن خالد : فمات أبو هريرة ثم مات سمرة (٢) ، وقيل بأن أبا محذورة كان آخر الثلاثة موتاً .
هذا بعض ما يمكن أن يستدل به على الشعارية ، نترك باقي الكلام عنه إلى البحوث الكلامية المطروحة في كتب أعلامنا ، ولنأتِ إلى بيان التخريج الفقهي للشعارية في خصوص الأذان ، معتذرين سلفاً مما نقوله في بيان وجهة نظر الفقهاء ، لأنّه لم يبحث بالشكل المطلوب في مصنّفاتهم ، وأنّ ما نقوم به هو فهمناه لفحوى كلامهم قدس الله اسرارهم ، وهي محاولة بسيطة منا في هذا السياق نأمل تطويرها وتشييدها من قبل الفضلاء والأساتذة .
__________________
(١) وقد أشرنا إلى هذا الأمر في كتابنا « الصلاة خير من النوم شرعة أم بدعة » .
(٢) مسند ابن أبي شيبة ٢ : ٣٢٩ ، جزء اشيب : ٥٨ ، شرح مشكل الاثار ١٤ : ٤٨٥ ، ٤٨٧ ، ٤٨٨ .