الولاية لله ولرسوله وللذين آمنوا جاء في الآية الثالثة ليحذّرهم بأن لا يتخذوا الكفّار وأهل الكتاب أولياء ، لأنّهم اتخذوا دين الله هزواً ولعبا أي أنّه جلّ وعلا لحظ الولاء والبراءة معاً .
ومن الطريف أن ترى ذكر الأذان يأتي في القرآن بعد الآيتين السابقتين ـ أي بعد ذكر التولّي والتبري ـ موكداً سبحانه بأنّ الكفار وأهل الكتاب اتّخذوا هذه الشعيرة هزواً ولعباً ، فعن ابن عباس : إنّ الذين اتّخذوا الأذان هزوا : المنافقون والكفّار (١) ، وقيل : اليهود والنصارى (٢) .
وفي مسند أحمد : قال أبو محذورة : خرجت في عشرة فتيان مع النبي ، وهو [ يعني النبي ] ابغض الناس إلينا ، فأذّنوا فقمنا نؤذن نستهزي بهم ، فقال النبي : ائتوني بهؤلاء الفتيان ، فقال : أذنوا ، فأذنوا ، فكنت أحدهم ، فقال النبي : نعم ، هذا الذي سمعت صوته اذهب فأذّن لأهل مكة . . . (٣) .
قال ابن حبان : قدم النبي صلىاللهعليهوآله مكة يوم الفتح فراه [ أي ابا محذورة ] يلعب مع الصبيان يؤذن ويقيم ويسخر بالإسلام . . . (٤) .
وفي سنن الدارقطني عن أبي محذورة ، قال : لمّا خرج النبي إلى حنين خرجتُ عاشر عشرة من أهل مكة أطلبهم ، قال : فسمعناهم يؤذّنون للصلاة فقمنا نؤذن نستهزئُ بهم ، فقال النبي : لقد سمعت في هؤلاء تأذين إنسان حسن الصوت ، فأرسل إلينا فأذنا رجلاً . . . (٥)
__________________
(١) الدر المنثور ٤ : ٢٥٦ ، والكشاف ١ : ٦٨٣ ، المحرر الوجيز ٢ : ٢٠٩ ، تفسير الطبري ٦ : ٢٨٩ .
(٢) التفسير الكبير ١٢ : ٢٨ ، الدر المنثور ٣ : ١٠٧ .
(٣) مسند أحمد ٣ : ٤٠٨ / ح ١٥١٣ ، ومثله في سنن الدارقطني ١ : ٢٣٥ / ح ٤ ، والسيل الجرار ١ : ١٩٩ .
(٤) مشاهير علماء الأمصار لابن حبان : ٣١ .
(٥) سنن الدارقطني ١ : ٢٣٤ / باب في ذكر الأذان / ح ٣ .