لتشريع جزئية الشهادة الثالثة في الأذان وأنّها داخلة في ماهيته ، وحتى مَن استقرب الجزئية من الأصحاب لم يقبل بنهوض هذه المصلحة للقول بالجزئية إلّا أن يستدل على ذلك بشيء آخر غير المصلحة كالأخبار وغيرها ، وهو أيضاً غير مقبول كما مرّ من قبل .
فتحصل : أنّ دعوى وجود المصلحة في تشريع الشهادة الثالثة في الأذان على أنّها جزء منه وداخلة في ماهيته من الباطل بمكان ؛ إذ لم يدّع أحد من الأصحاب ذلك اكتفاءً بالمصلحة الظنية ، وقد يكفي هذا للقول بالبطلان .
إذا تمّ هذا نقول : هل تعدم المصلحة في ذكر الشهادة الثالثة ذكراً شعارياً ؟
وهل أنّ التشريع الشعاري يقوم على أساس الاستحسان والمصالح المرسلة والرأي المحرَّم على غرار التشريع الماهوي آنف الذكر أَم لا ؟
وقبل ذلك ما هي الأدلّة على وجود المصلحة الشعارية في الأذان للشهادة بالولاية ؟
للجواب عن السؤال الثالث نقول : حسبنا الأدلة الصحيحة المارة ، بل حسبنا حديث الغدير النبوي الظاهر في وجود المصلحة الشعارية للشهادة بالولاية ؛ فكلنا يعلم بأنّ النبي جمع كل المسلمين ممّن حضر معه صلىاللهعليهوآله حجّة الوداع أثناء عودته إلى المدينة وهم ١٢٠٠٠٠ ألفاً ، ثمّ رفع يد علي بن أبي طالب حتى بان بياض إبطيهما صلىاللهعليهوآله ، وكان الجوّ حاراً قاسياً ثم قال : « ألست أولى بكم من أنفسكم » ؟ قالوا : بلى يا رسول الله ، قال صلىاللهعليهوآله : « فمن كنت مولاه فعلي مولاه اللّهم وال من والاه وعاد من عاداه وانصر من نصره واخذل من خذله » (١) .
__________________
(١) مناقب الكوفي ٢ : ٤١٥ / ح ٨٩٦ ، وروى المقدسي حديث الولاية هذا بطرق عدة وباسانيد صحيحة وبعضها حسنة ، انظر الأحاديث المختارة ٢ : ٨٧ ، ١٠٥ ، ١٠٦ ، ٧٤ / ح ٣٨١ ، ٤٧٩ ، ٤٨٠ ، ٤٨١ ، ٥٥٣ ، و ٣ : ١٣٩ ، ١٥١ ، ٢٠٧ ، ٢٧٤ / ح ٩٣٧ ، ٩٤٨ ، ١٠٠٨ ، ١٠٧٨ . ورواه الحاكم بسبعة طرق انظر المستدرك ٣ : ١١٨ ، ١١٩ ، ١٢٦ : ١٤٣ ، ٤١٩ ، ٦١٣ وصحّح الذهبي في ملخصه منها اثنان وسكت عن ثلاثة وضعف اثنان .