وهنا نتساءل : ما معنى أن يجمع النبي صلىاللهعليهوآله المسلمين لإخبارهم بذلك ؟ ولماذا يرفع بضُبْع علي بن أبي طالب حتى يبين بياض إبطيهما عليهالسلام ؟
أما كان له صلىاللهعليهوآله أن ينتظر حتى يصل المدينة ويخبرهم بذلك بدل أن يجمعهم في ذلك الجوّ القاسي ؟ وعدا هذا وذاك ما معنى أن تنزل آية قبل وصوله صلىاللهعليهوآله إلى الغدير تتوعّد النبي صلىاللهعليهوآله إن لم يبلّغ ويعلن ويُشْهِدْ بولاية عليّ فإنّه ما بلّغ الرسالة التي ناءَ بكاهلها ثلاث وعشرين سنة ؟ إذ ما معنى حصر نزول قوله تعالى : ( يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ ) (١) بالتبليغ بولاية علي إعلاناً وإشهاداً بمحضر كلّ من كان مع النبي آنذاك ؟
وما معنى نزول قوله تعالى : ( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا ) (٢) بمجرّد أن بلّغ النبي المسلمين بولاية علي في غدير خم ؟
بل ما معنى أن ينزل قوله تعالى : ( سَأَلَ سَائِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ ) (٣) في الفهري الذي شكّك واعترض على عملية تبليغ النبي بولاية علي حتى ورد في الأخبار الصحيحة أنّ الله رماه بحجر بسبب اعتراضه ؟ كل ذلك يلفت النظر إلى أنّ الله سبحانه وتعالى لم يرض لنا دين الإسلام ـ كما هو صريح آية إكمال الدين وإتمام النعمة ـ إلّا بولاية عليّ ، فما معنى هذا ؟
بل يظهر أنّ دين الإسلام ـ طبق آية البلاغ ـ ناقص لا يكمل إلّا بالتبليغ بولاية علي والإعلان عنها ، فما معنى كلّ ذلك ؟
يستحيل أن يجاب عن هذه الاسئلة وعشرات غيرها من دون الجزم بوجود مصلحة قطعية في عملية التبليغ النبوية والقرآنية للولاية ، كما يستحيل أن يجاب
__________________
(١) المائدة : ٦٧ .
(٢) المائدة : ٣ .
(٣) المعارج : ١ .