بوجود هذه المصلحة من دون الالتزام بأنّها ذات مصلحة شعارية ؛ إذ هذا هو معنى الأمر بالتبليغ بها ، بحبس الصحابة في ذلك الجو القاسي في غدير خم ، وهذا هو معنى بروز بياض إبطي النبي صلىاللهعليهوآله لما رفع بضبعي عليّ عليهالسلام ، وهذا هو معنى أنّ الله لا يرتضي الإسلام من أحد من دون التبليغ بالولاية والإعلان عنها ، وهذا معنى أنّ الدين كمل بالنظر لذلك ، وأنّه ناقص لولا أنّ النبيّ بلّغ بها بأحسن وجه وأتمّ بيان في طول تبليغ الشريعة المقدّسة .
إنّ كل هذا يكشـف عن وجود مصلحة شعارية قطعية ، لا شك فيها ولا شبهة ، ناهضة للفتوى باستحباب أو جواز ذكر الشهادة بالولاية مع الأذان ومع غيره بشرط عدم المانع الشرعي ؛ من منطلق الجزم بوجودها يوم الغدير ، ومن منطلق أنّ الله لا يرتضي إسلام المسلم كاملاً من دونها ، بل من منطلق التبليغ بها والإعلان عنها أسوة بالنبي صلىاللهعليهوآله في يوم الغدير ؛ ولا ريب في أنّ التأسي بالنبيّ صلىاللهعليهوآله في عملية التبليغ بالولاية انطلاقاً من وجود المصلحة من أعظم الأعمال وأشرف الطاعات .
مع ملاحظة أنّ التأسي بالنبي صلىاللهعليهوآله فيما نحن فيه إنّما هو التأسي الشعاري بدليل وجود المصلحة المقطوع بها ، على ما تبيّن من محبوبية الإعلان والتبليغ والإشهاد بالولاية ، وليس هو التأسي به صلىاللهعليهوآله في الأحكام والماهيّات العبادية المنصوص عليها بأدلّة خاصّة ؛ إذ يكفي لإثبات التأسي الشعاري أمثال نص الغدير ، وموثّقة سنان ابن طريف ، وحسنة ابن أبي عمير ، وأضراب ذلك من الروايات .
وبهذا يندفع الإشكال القائل : بأنّ النبيّ صلىاللهعليهوآله لم يؤذّن بالشهادة الثالثة في الأذان ، فعلينا التأسـي به صلىاللهعليهوآله وترك الشهادة الثالثة في الأذان ! !
نعم ، هذا صحيح إذا
أتينا بالشهادة الثالثة في الأذان على نحو الجزئية فلكم القول بلزوم تركه تأسّياً برسول الله ، أمّا فيما نحن فيه فإنّا نتأسى بالرسول
شعارياً