عصمتياً كما هو المصطلح اليوم ، بل كان فيهم من يحب ، أبا بكر وعمر كذلك ، وبذلك يكون تشيّع أهل الحديث في الكوفة أعمّ من الولائي والفضائلي ، ولأجل هذا لم نَرَ أسماء بعض هؤلاء الذين حسبوا على الشيعة في كتب رجال الشيعة .
وعليه فإنّ تشيّع أهل العراق كان أعمّ من تشيع أهل قمّ الذي كان ولائيّاً خالصاً ، بمعنى أنّهم كانوا يقولون بعصمة عليّ والأئمّة الأحد عشر من أولاده ومن أولاد رسول الله ، ولا يرتضون أن يخالطهم من يخالفهم في العقيدة .
نعم ، قد اشتهر القمّيّون بتصلّبهم في العقيدة وتشدّدهم على كلّ متّهم بالانحراف عنها ، وقد توجّهوا في العصور الأُولى إلى التاليف في احوال الرواة ، واضعين أصول علم الرجال والدراية انطلاقاً من تلك الشدة حتى لا تختلط مرويّات المنحرفين والمتّهمين بمرويّات الموثوقين من الشيعة ، المعتدلين في تشيعهم وعقائدهم .
فكانوا هم من أوائل الجهابذة الذين رسموا أصول علم الرجال الشيعي ، ولو رجعت إلى ترجمة محمّد بن أحمد بن داود ( ت ٣٦٨ هـ ) في « الفهرست » للشيخ الطوسى لرأيته قد ألّف كتاباً في الممدوحين والمذمومين (١) . وهو من القميين .
وهناك كتاب آخر للقميين في علم الرجال وهو للبرقي يسمى : « رجال البرقي » ، وهذا الكتاب سواء كان لأحمد بن محمّد البرقي ( ت ٢٧٤ هـ ) ، أو لأبيه محمّد بن خالد البرقي ، أو لابنه عبد الله بن أحمد ، فكلّهم قد عاشوا قبل الكشّي ( المتوفى في النصف الأول من القرن الرابع الهجري ) ، والنجاشي ( ت ٤٥٠ هـ ) ، والشيخ الطوسي ( ت ٤٦٠ هـ ) ، وابن الغضائري ( ت ٤١١ هـ ) ، ومحمّد بن الحسن أبي عبد الله المحاربي (٢) ، وغيرهم ممّن نص أصحاب الفهارس على أنّهم ألّفوا
__________________
(١) الرجال للنجاشي : ٣٨٤ / ت ١٠٤٥ ، الفهرست : ٢١١ / ت ٦٠٣ .
(٢) الرجال للنجاشي : ٣٥٠ / ت ٩٤٣ .