وخوفاً من اساءة فهم النصوص أو استغلالها من قبل المغرضين ، فإنّه رحمهالله أراد التأكيد على امرين معاً ١ ـ وثاقة البرقي ٢ ـ حرصه على المذهب وخوفه من اساءة فهم نصوصه من قبل المغرضين والجاهلين . ولاجل ذلك لم تره يطرد امثال الصفار بل اقتصر طرده على امثال البرقي ،ثم رجوعه عن ذلك ، كل ذلك من اجل الحيطة والحذر على رواياتنا وأحاديثنا .
كلّ هذا يدعونا لأن نقف وقفةَ متأمِّل على غرار اصحابنا الرجاليين في أحكام القميين على الرواة والرواية ، وأن أحكامهم كانت مقطعية ولم تكن استمرارية لكلّ الأزمان ، ونحن بعملنا هذا نريد أن ننتزع بعض تلك الأصول المتبنّاة عندهم ولا نريد أن نقول أنّها عامة وجارية في كلّ المجالات ، لأنّهم وحين جرحهم لأولئك الأُناس تراهم يذكرون العلة التي جرحوهم من أجلها ، كالغلوّ ، أو روايته عن الضعفاء ، أو اعتماده المجاهيل وغيرها ، فلنا أن نسأل عن تلك الجروح ، هل هي جارحة حقّاً أم لا ؟ وما هو مدى اعتبارها ، وهل هي أُصول معتبرة عندنا اليوم أم أنّها متروكة ؟
وإنما قدمنا هذا الكلام وأشرنا إلى هذه البحوث ، لنقف من بعد على بعض ملابسات كلام الشيخ الصدوق رحمهالله الآتي ، وما يمكن ان يكون مستند القميين في جروحهم ، ولكن قبل كلّ شيء لا بدّ من الاشارة إلى مبتنى المدارس الفكرية في المجتمعات الإسلامية ومنها الشيعية الإمامية آنذاك .
فهناك مدرستان عند الشيعة الإمامية :
١ ـ مدرسة العقل ، وهي المدعومة غالباً بالنقل ، فقد تواجدت في بغداد المعتزلة وتكاملت على يد الشيخ المفيد والسيّد المرتضى والشيخ الطوسي رحمهم الله ومنه انتقلت إلى النجف ، والحلة ، وجبل عامل .
٢ ـ مدرسة النقل ، وهي
التي تاسست في المدينة المنورة لتنتقل إلى بغداد