الأشاعرة وقم المحدّثين ، وكربلاء الاخبارية في عهد الشيخ أحمد الاحسائي والشيخ يوسف البحراني ، وامثالهم ثم تحولها إلى الاصولية في عهد الوحيد البهبهاني وصاحب الرياض وأمثالهم .
وبما أن بحثنا يرتبط بشيء وآخر بالمحدّثين والمتكلمين ، فلا بد من توضيح أمر يتعلق بالمحدثين من الشيعة والسنة كذلك ، وأنّهم على قسمين :
قسم قصدوا حفظ الشرع بمعرفة صحيح الحديث من سقيمه ، ولذلك رحلوا إلى الأمصار في سماع الحديث وجمع طرقه وطلب الأسانيد العالية فيه ، دون التفقّه فيما يخالفها وكيفيّة الجمع بين الروايات .
وقسم آخر : المتفقهة ، وهم الذين أضافوا إلى جمع الحديث التدبّر فيه ومقايسته مع الأحاديث الأُخرى وعرضه على القرآن الحكيم للوقوف على وجوه الجمع والتأويل فيها .
وقد يسمّى القسم الأوّل من هؤلاء المحدّثين بالحشوية ، لأنّهم لا يتدبّرون في المتون بقدر ما يتدبّرون في الأسانيد ، وقد يطلق على هؤلاء أحياناً ( المقلّدة ) و ( اصحاب الحديث ) و ( الأخباريون ) ، علماً بأنّ لفظة ( الحشوية ) أُطلقت أوّلا على المحدثين من العامّة وخصوصاً الحنابلة منهم (١) ـ وإن سعى ابن تيمية لإبعاد هذا اللقب عنهم (٢) ، لكنه لم يوفق في عمله ـ ثم أُطلقت في الزمن المتأخرّ على بعض محدّثي الشيعة ، لروايتهم أحاديث في التشبيه والتجسيم ، أو لنقلهم أحاديث ضعيفة في مسألة تحريف القرآن (٣) أو لنقلهم الغثّ والسمين والذي عبّر عنهم
__________________
(١) انظر على سبيل المثال : البرهان في اصول الفقه ، للزركشي ١ : ٣٩٢ ، التحفة المدنية في العقيدة السلفية : ١٦٤ ، الوافي بالوفيات ٢٧ : ١٩٢ ، الدارس ١ : ٢٠١ ، منادمة الاطلال : ١٠٠ .
(٢) انظر مجموع الفتاوي لابن تيمية ٣ : ١٨٦ ، العقود الدرية في مناقب شيخ الإسلام أحمد بن تيمية ، للمقدسي : ٢٥٤ .
(٣) الذخيرة في علم الكلام للسيّد المرتضى : ٣٦١ .