صريحة صادرة عن المعصومين .
والعامّة يشترطون في الجرح أن يكون مفسّراً ، ولا يقبلون بجرح الأقران فيما بينهم ، ومن يختلفان فيما بينهما في العقيدة والمذهب . والكل يتّفق على لزوم التّأنّي والتدبّر فيما يقوله المتشدّد وعدم الأخذ بكُلّ ما يقوله ؛ وذلك لتسرّع المتشددين في إطلاق الأحكام على الأشخاص بمجرّد التهمة ، وقبل تمام التحقيق عنه ، فتراهم ينسبون إلى الآخرين أشياء عظيمة وربّما أمروا بقتل بعض المؤمنين ـ كما في محمّد بن آورمه ـ بمجرّد شيوع الخبر الذي مفاده أنّ عنده أوراقاً في الباطن ، أو لمجرد روايته خبراً يخالف معتقد الاخرين .
وقد أضافت العامّة قانوناً في الجروح العامّة ، وهو جرح بعض العلماء لأهل بعض البلاد ، أو بعض المذاهب ، بأنْ لا يُؤخذ بتلك الجروح إلّا بعد أن ينقّح الأمر في ذلك الجرح ، كجرح الذّهبي وابن تيمية لكثير من الصوفية وأولياء الأمة (١) ، أو مبالغة الذهبي في نقد الأشاعرة ، والدارقطني والخطيب البغدادي في جرحهما أبا حنيفة وأصحابه .
فالواجب على العالم أن لا يبادر إلى قبول أقوالهم بدون تنقيحها ، ومن قلّدهم من دون الانتقاد ، ضَلَّ وأوقع العوامَّ في الفساد (٢) .
ومن هنا نقف على قيمة الطعون العامة الصادرة من الاطراف المشددة ، فلا يمكن الاعتماد عليها لأنّها نصوص متطرفة .
قال الشيخ الصدوق في اعتقاداته : وعلامة المفوِّضة والغلاة وأصنافهم نسبتهم مشايخ قمّ وعلمائهم إلى القول بالتقصير (٣) .
__________________
(١) اليواقيت والجواهر ١ : ٨ .
(٢) انظر علم رجال الحديث للدكتور تقي الدين الندوي المظاهري : ١١٨ ، وانظر كذلك طبقات الشافعية الكبرى ١ : ١٩٠ .
(٣) اعتقادات الصدوق : ١٠١ .