(فِراراً) بلغنا أن أحدهم كان يذهب بابنه إليه فيقول : احذر هذا لا يغرنك فإن أبي ذهب إليه وأنا مثلك فحذرني كما حذرتك.
(وَإِنِّي كُلَّما دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوا أَصابِعَهُمْ فِي آذانِهِمْ وَاسْتَغْشَوْا ثِيابَهُمْ وَأَصَرُّوا وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْباراً) [نوح : ٧].
(كُلَّما دَعَوْتُهُمْ) إلى الإيمان.
(لِتَغْفِرَ لَهُمْ) ما تقدم من الشرك سدوا آذانهم لئلا يسمعوا ليوئسوه من إجابة ما لم يسمعوه وكان حليما صبورا. (وَأَصَرُّوا) أقاموا على الكفر أو الإصرار تعمد الذنب أو سكتوا على ذنوبهم فلم يستغفروا. (وَاسْتَكْبَرُوا) بترك التوبة أو بكفرهم بالله تعالى وتكذيبهم نوحا عليه الصلاة والسّلام.
(ثُمَّ إِنِّي دَعَوْتُهُمْ جِهاراً) [نوح : ٨].
(جِهاراً) مجاهرة يرى بعضهم بعضا.
(ثُمَّ إِنِّي أَعْلَنْتُ لَهُمْ وَأَسْرَرْتُ لَهُمْ إِسْراراً) [نوح : ٩].
(أَعْلَنْتُ) الدعاء صحت به. (وَأَسْرَرْتُ) الدعاء عن بعضهم من بعض دعاهم في وقت سرا وفي وقت جهر أو دعا بعضهم سرا وبعضهم جهرا مبالغة منه وتلطفا.
(فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كانَ غَفَّاراً) [نوح : ١٠].
(اسْتَغْفِرُوا) ترغيبا منه في التوبة.
(يُرْسِلِ السَّماءَ عَلَيْكُمْ مِدْراراً) [نوح : ١١].
(مِدْراراً) غيثا متتابعا قيل أجدبوا أربعين سنة فأذهب الجدب أموالهم وانقطع الولد عن نسائهم فلما علم حرصهم على الدنيا قال : هلموا إلى طاعة الله تعالى فإن فيها درك الدنيا والآخرة ترغيبا لهم في الإيمان.
(ما لَكُمْ لا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقاراً) [نوح : ١٣].
(لا تَرْجُونَ) لا تعرفون له عظمه ولا تخشون عقابه ولا ترجون ثوابه أو لا تعرفون حقه ولا تشكرون نعمه أو لا تؤدون طاعته أو الوقار : الثبات منه (وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَ) [الأحزاب : ٣٣] أي لا تثبتون وحدانيته.
(وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْواراً) [نوح : ١٤].
(أَطْواراً) طورا نطفة وطورا علقة وطورا مضغة وطورا عظما ثم كسا العظام اللحم ثم أنشأه خلقا آخر أنبت له الشعر وكمل له الصورة أو الأطوار اختلافهم طولا وقصرا ، وقوة وضعفا وهما وتصرفا وغنى وفقرا.