منعوا من استراق السمع ورموا بالشهب ولم تكن السماء تحرس إلا أن يكون في الأرض نبي أو دين له ظاهر فأتوا إبليس فأخبروه فقال ائتوني من كل أرض بقبضة من تراب أشمها فأتوه فشمها فقال صاحبكم بمكة أو رجعوا إلى قومهم فقالوا ما حال بيننا وبين خبر السماء إلا حدث في الأرض فاضربوا مشارق الأرض ومغاربها ففعلوا حتى أتوا تهامة فوجدوا الرسول صلىاللهعليهوسلم يقرأ. فمن قال صرفوا إليه ذكر أنه رآهم ودعاهم وقرأ عليهم ومن قال ضربوا مشارق الأرض ومغاربها قال لم يرهم ولم يقرأ عليهم بل أتوه بنخلة عامدا إلى سوق عكاظ وهو يصلي بنفر من أصحابه الصبح فلما سمعوا القرآن قالوا هذا الذي حال بيننا وبين خبر السماء وكانت قراءته (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ) وكانوا تسعة أحدهم زوبعة أو سبعة ثلاثة من حرّان وأربعة من نصيبين أو تسعة من أهل نصيبين قرية باليمن غير التي بالعراق فصلوا مع الرسول صلىاللهعليهوسلم الصبح ثم ولوا إلى قومهم منذرين. قيل الجن تعرف الإنس كلها فلذلك توسوس إلى كلامه قال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما الجن من ولد الجان منهم المؤمن والكافر وليسوا شياطين والشياطين من ولد إبليس ولا يموتون إلا مع إبليس ويدخل مؤمنو الجن الجنة وقال الحسن رضي الله تعالى عنه هم ولد الجان والإنس ولد آدم عليه الصلاة السّلام فمن الجن الإنس المؤمن والكافر يثابون ويعاقبون فمؤمن الطائفتين ولي الله تعالى وكافرهما شيطان ويدخلون الجنة بإيمانهم أو لا يدخلها الجان وإن صرفوا عن النار قاله مجاهد.
(عَجَباً) في فصاحته أو في بلاغة مواعظه أو في عظم بركته.
(يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنا أَحَداً) [الجن : ٢].
(الرُّشْدِ) مراشد الأمور أو معرفة الله تعالى.
(وَأَنَّهُ تَعالى جَدُّ رَبِّنا مَا اتَّخَذَ صاحِبَةً وَلا وَلَداً) [الجن : ٣].
(جَدُّ رَبِّنا) أمره أو فعله أو ذكره أو غناه أو بلاغه أو ملكه وسلطانه أو جلاله وعظمته أو نعمه على خلقه أو (تَعالى جَدُّ رَبِّنا) أي ربنا أو الجد أب الأب لأن هذا من قول الجن.
(وَأَنَّهُ كانَ يَقُولُ سَفِيهُنا عَلَى اللهِ شَطَطاً) [الجن : ٤].
(سَفِيهُنا) إبليس أو جاهلنا وعاصينا. (شَطَطاً) جورا أو كاذبا أصله البعد فعبّر به عن الجور والكذب لبعدهما من العدل والصدق.
(وَأَنَّهُ كانَ رِجالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزادُوهُمْ رَهَقاً) [الجن : ٦].
(يَعُوذُونَ) كانوا في الجاهلية إذا نزل أحدهم بواد قال أعوذ بكبير هذا الوادي من سفهاء قومه فلما جاء الإسلام عاذوا بالله وتركوهم.