(وَوَرِثَ سُلَيْمانُ) نبوة داود وملكه ، أو سخر له الشياطين والرياح ، أو استخلفه في حياته على بني إسرائيل فسمي ذلك وراثة ، وكان لداود تسعة عشر ابنا.
(وَحُشِرَ لِسُلَيْمانَ جُنُودُهُ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ وَالطَّيْرِ فَهُمْ يُوزَعُونَ) [النمل : ١٧].
(يُوزَعُونَ) يساقون ، أو يدفعون ، أو يدفع أخراهم ويوقف أولاهم ، أو يسحبون ، أو يجمعون ، أو يحبسون ، أو يمنعون ، وزعه عن الظلم : منعه منه ، وقالوا لا بد للسلطان من وزعه : أي من يمنع الناس عنه ، وقال عثمان : ما وزع الله بالسلطان أكثر مما وزع بالقرآن ، والمراد بهذا المنع أن يرد أولهم على آخرهم ليجتمعوا ولا يتفرقوا.
(حَتَّى إِذا أَتَوْا عَلى وادِ النَّمْلِ قالَتْ نَمْلَةٌ يا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَساكِنَكُمْ لا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ) [النمل : ١٨].
(وادِ النَّمْلِ) بالشام ، وكان للنملة جناحان فعلم منطقها لأنها من الطير ولو لا ذلك لما علمه ، قاله الشعبي.
(يَحْطِمَنَّكُمْ) يهلكنكم. (وَهُمْ) والنمل. (لا يَشْعُرُونَ) بسليمان وجنوده ، أو وسليمان وجنوده لا يشعرون بهلاك النمل ، قيل سمع كلامها من ثلاثة أميال حملته الريح إليه. وسميت نملة لتنملها ، وهو كثرة حركتها وقلة قرارها.
(فَتَبَسَّمَ ضاحِكاً مِنْ قَوْلِها وَقالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلى والِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صالِحاً تَرْضاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبادِكَ الصَّالِحِينَ) [النمل : ١٩].
(فَتَبَسَّمَ) من حذرها بالمبادرة أو من ثنائها عليه ، أو من إستبقائها النمل قال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما! فوقف سليمان وجنوده حتى دخل النمل مساكنه.
(أَوْزِعْنِي) ألهمني ، أو اجعلني ، أو حرضني.
(أَنْ أَشْكُرَ) سبب شكره علمه بمنطق الطير حتى فهم قولها أو حمل الريح صوتها إليه حتى سمعه من ثلاثة أميال فأمكنه الكف.
(صالِحاً) شكر ما أنعم عليه به.
(بِرَحْمَتِكَ) بنبوتك ، أو بمعونتك التي أنعمت بها عليّ.
(فِي عِبادِكَ الصَّالِحِينَ.) الأنبياء ، أو الجنة التي هي دار الأولياء.
(وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ فَقالَ ما لِيَ لا أَرَى الْهُدْهُدَ أَمْ كانَ مِنَ الْغائِبِينَ) [النمل : ٢٠].
(وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ) كان إذا سافر أظله الطير من الشمس ، فلما غاب الهدهد أتت الشمس من مكانه وكانت الأرض للهدهد كالزجاج يرى ما تحتها فيدل على مواضع الماء حتى تحفر.