(وَأَوْحَيْنا إِلى أُمِّ مُوسى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلا تَخافِي وَلا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ) [القصص : ٧].
(وَأَوْحَيْنا) ألهمنا ، أو رؤيا نوم أو وحي مع الملك كوحي الأنبياء. أوحى إليها برضاعه قبل الولادة ، أو بعدها.
(خِفْتِ عَلَيْهِ) القتل ، أو أن يسمع جيرانك صوته. (الْيَمِّ) البحر وهو النيل.
(وَلا تَخافِي) عليه الغرق ، أو الضيعة. (وَلا تَحْزَنِي) لفراقه ، أو أن يقتل. فجعلته في تابوت طوله خمسة أشبار وعرضه مثلها. وجعلت المفتاح مع التابوت وألقته في اليم بعد أن أرضعته أربعة أشهر ، أو ثلاثة أشهر ، أو ثمانية أشهر. ولما فرغ النجار منه أخبر فرعون به ، فبعث معه من يأخذه فطمس الله تعالى على عينيه وقلبه فلم يعرف الطريق. فعلم أنه المولود الذي خافه فرعون فآمن ذلك الوقت وهو مؤمن آل فرعون. قال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما : فلما غاب عنها ندّمها الشيطان فقالت. لو ذبح عندي فواريته وكفنته كان أحب إلي من إلقائه في دواب البحر وحيتانه. فقال الله تعالى : (إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ.)
(فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَناً إِنَّ فِرْعَوْنَ وَهامانَ وَجُنُودَهُما كانُوا خاطِئِينَ) [القصص : ٨].
(فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ) خرجت جواري امرأة فرعون لاستقاء الماء فوجدن تابوته فحلمنه إليها ، أو خرجت امرأة فرعون إلى البحر وكانت برصاء فوجدته فأخذته فبرئت من برصها فقالت هذا صبي مبارك.
(وَقالَتِ امْرَأَتُ فِرْعَوْنَ قُرَّتُ عَيْنٍ لِي وَلَكَ لا تَقْتُلُوهُ عَسى أَنْ يَنْفَعَنا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَداً وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ) [القصص : ٩].
(قُرَّتُ عَيْنٍ) لما علم أصحاب فرعون بموسى جاءوا ليذبحوه فمنعتهم وأتت فرعون وقالت قرة عين لي ولك. فقال فرعون لها : قرة عين لك أما لي فلا. قال الرسول صلىاللهعليهوسلم : «لو أقر بأنه يكون قرة عين له لهداه الله تعالى به كما هداها به» (١) وقرة العين بردها بالسرور من القر وهو البرد ، أو قر دمعها فلم يخرج بالحزن مأخوذ من القرار.
(لا يَشْعُرُونَ) أن هلاكهم على يديه.
(وَأَصْبَحَ فُؤادُ أُمِّ مُوسى فارِغاً إِنْ كادَتْ لَتُبْدِي بِهِ لَوْ لا أَنْ رَبَطْنا عَلى قَلْبِها لِتَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) [القصص : ١٠].
__________________
(١) أخرجه ابن عساكر (٦١ / ٨١).