السنوات فكيف نستطيع أن نضمن اجتماع بلايين الشرائط وبصورة تصادفية تدريجية في مثل هذا الوقت القصير.
وخلاصة القول حول هذه الصورة من برهان النظام (اي برهان حساب الاحتمالات وابطال الصدفة رياضيا) هو ان اجتماع شرط او شرطين على وجه الصدفة امر ممكن وجائز ، وللعقل أن يحتمله ، ولكن اجتماع هذا الحشد الهائل من الشرائط على الترتيب المؤدي الى ظهور ونشوء الحياة في شكلها المناسب من غير أن يتقدم شرط او يتاخر وذلك على نحو الصافية أمر لا يقبله العقل مطلقاً.
وبتعبير آخر هذا ان الكون عند انفجار المادة كان من الممكن ان يتجلى في ملايين الصور الأخرى بحيث لا يصلح منها للحياة غير صورة واحدة فكيف حدثت هذه الصورة بالذات من دون بقية الصورة والحال أنها كانت متساوية في احتمال التحقق مع بقية الصور؟
اليس ذلك يدل على وجود قوة عليا هادفة هي التي اختارت هذه الصورة دون سواها وهذا الشكل والترتيب دون غيره من التراتيب والاشكال؟
ان العقل لا يمكن ان يصدق مطلقا بان وقوع هذه الصورة دون غيرها كان بمحض الصدفة ودون قصد ، اذ العقل لا يمكن أن يصدق ذلك في ما هو أصغر من الكون وذلك كمعجون علاجي مؤلف ومركب من عدة عقاقير وعناصر بنسب مختلفة يحصل الشفاء به اذا كان علی تركیب معین ونسب معينة بحيث لو اختل هذا التركيب وزادت النسب او نقصت تحول ذلك المعجون الطبي الى سم قاتل.
فان العقل يرفض أن يكون مثل هذا المعجون الشافي قد حدث بفعل انسان جاهل بشؤون الصيدلة والطب ، تناولت يده بصورة عفوية وعشوائية العناصر المختلفة والفت مثل هذا الدواء ، فصار ذلك المعجون الشافي ، والدواء الناجع.