واذا كان العقل يرفض مثل هذا في نظام دوائي بسيط فكيف يصدقه ويقبله في نظام كوني عظيم وعریض ، مبني على محاسبات دقيقة وخطيرة ، ويتكون من عناصر بالملايين ونسب في غاية الدقة؟؟
وسيوافيك تفصيل هذا السؤال والجواب عنه عند البحث في الأسئلة المتوجهة الى برهان النظم فلاحظ السؤال.
يبقى أن نعرف أن اليقين في مثل هذه المسائل لا يعني انتفاء أي احتمال مخالف ، بالمرة ، بل يعني أن الاحتمال المخالف من الضعف والضئالة بحيث لا یركن اليه أي عاقل سليم التفكير.
ومثل هذا الاحتمال الضعيف جداً يساوي في جميع العلوم (الصفر الرياضي) الذي لا يذهب اليه أحد ، ولو ذهب لم يعد سوي العقل سالم التفكير.
فاحتمال أن يكون كتاب (الشفاء) لابن سينا أو (تاریخ الطبري) ، أو (بحار الانوار) للمجلسي من فعل اشخاص غیر عارفين بالفلسفة والتاريخ والحديث ، أو نتيجة جرة لاهية عابثة لاقلامهم وان كان مطروحاً ، الا ان نسبة صحته هي بنسبة واحد على واحد في مقابله اصفار كثيرة تمتد إلى القمر ، وهو لا شك احتمال لا يذهب اليه الا معتوه ، فاقد الرشد ، عديم الصواب.
وان اردت المزيد من التوضيح لهذه المسألة فنقول : أن اليقين المتعلق بالنسبة الموجودة في قضية على نوعين :
الأول : أن يتعلق اليقين بأحد طرفي القضية بحيث يجعل الطرف المخالف ممتنعاً ذاتياً ، وذلك في ما إذا كان أحد الطرفين ممكن الوقوع ، والآخر ممتنع الوقوع. وذلك كما اذا قلنا : يمتنع اجتماع النقيضين أو ارتفاعها ، أو يمتنع الدور والتسلسل ، فان اليقين تعلق بالامتناع نافياً امكان جواز الاجتماع ، أو جواز تحقق الدور والتسلسل ، ففي هذه الموارد يتعلق اليقين باحد الطرفين ،