اطمئناناً ، وهي تبقى كذلك فرضيات ليس لها أية قيمة علمية مهما ألبسوا عليها من حلل الالفاظ ، وأفاضوا عليها من الأصباغ والألوان الزاهية.
فهل يمكن للعقل أن يقتنع بشيء لا يدعمه دليل ، ولا يؤيده برهان كهذه النظرية التي ليست الا ضرباً من الخيال؟ وليست سوى مزاعم جوفاء ، وفرضیات مبنية على التخمین.
ولأجل ذلك لا يتفق أمثال هؤلاء المحللين في تحليلهم على أساس واحد ، ولا ينطلقون من منطلق واحد بل يحلل كل واحد منهم هذه الظاهرة حسب مزاجه ومتأثراً بما يتعاطاه من العلوم ويتبناه من أفكار ، فالعالم النفسي يسنده الى عامل نفسي ، والعالم الاجتماعي بسنده إلى عوامل اجتماعية ، وثالث يسنده الى أسباب اقتصادية ، ورابع ينحت له فروضاً جنسية تشمئز منها الطباع السليمة إلى غير ذلك.
الاشكال الثالث :
ان من الظلم الفاحش أن ينسب اعتقاد الشخصيات العظيمة من كبار العباقرة وأساطين العلم والفكر الذين برعوا في الجام الطبيعة ، وتسخير بعض قواها ، وكبح جماحها ودرء أخطارها عن البشر ، الى عامل الخوف من الحوادث الطبيعية المرعبة.
أفيصح أن ننسب اعتقاد سقراط وافلاطون وارسطو ، وغيرهم من كبار الفلاسفة الاغريق والفارابي وابن سينا والرازي وابن الهيثم ونصیر الدین الطوسي وجابر بن حبان وغيرهم من عمالقة الشرق ، وغاليلو ودكارت ونیوتن وباستور وغيرهم من رجالات الغرب ، إلى عامل الخوف من الحوادث الطبيعية ، وهم أهل عقل وفهم ، ورجال علم واستدلال؟.