عليهما عن طريق التفكير المحض والاستدلال العقلي البحت لايؤدي بنا الى شيء ولايزيدنا الا بعدا لانها ليست أداة مناسبة لهذا المورد.
كما ان اثبات «قانون فلسفي كلي» عن طريق التجربة الحسية مثل القول بأن لكل معلول علة أو بطلان الدور والتسلسل غیر ممكن فان الوصول اليها عن طريق الحس محاولة للوصول إلى الشيء من غير طريقه ، اذ المجال هنا هو مجال التعقل والاستدلال العقلي لا المشاهدة الحسية ، والتجربة المختبرية.
هذا هو ما يمكن بيانه ـ باختصار ـ في هذا المقام وأما التفصيل فمتروك البحوث «نظرية المعرفة» التي تعرضت لذكر أدوات المعرفة ، وقيمة ، ومجال كل واحدة منها باسهاب.
غير أن التحول العلمي الذي وقع في الغرب قد أحل التجربة محل العقل وأقامها في جميع المجالات العلمية التجريبية والفلسفية على السواء ، وأعطاها كل القيمة بلا استثناء ، وأنكر أن يملك الانسان حقائق وراء عالم التجربة ، ولم يكن ذلك الا ردة فعل على السنة السائدة ـ قبل ذلك ـ في اوربا حيث كانوا ـ كما ذكرنا ـ يكتفون بمطالعة الكتب الفلسفية للفلاسفة الأغريقيين ، دون أن يقوموا بتجربة ما فيها من أفكار وآراء علمية ، ولذلك تجمدت الحركة العلمية ولم تتوصل اوربا الى أية انجازات تذكر في مجال العلوم ، فان استخدام أداة العقل في الظواهر الطبيعية التي من شأنها أن تعامل بالتجربة لا يثمر الا الخيال ، بخلاف ما اذا استخدمت فيها أداة الحس والتجربة فانها تزيد الانسان معرفة حقيقية بما في هذا المجال من الحقائق وتعينه على فتح آفاق جديدة واكتشاف امور واقعية.
ولكن ما أن تحول الغرب عن هذه السنة وتوجه إلى أداة التجربة والحس حتی وقف على الحقائق وتبين له بطلان بعض ما جاء في كتب الاقدمين ، واذا