لا يقال : كيف يجور تخصيص دليلها بدليله؟ وقد كان دليلها رافعا لموضوع دليله لا لحكمه ، وموجبا لكون اليقين باليقين بالحجة على خلافه ، كما هو الحال بينه وبين أدلة سائر الامارات ، فيكون ـ هاهنا أيضا ـ من دوران الامر بين التخصيص بلا وجه غير دائر والتخصص (١).
______________________________________________________
دليله ب)) سبب ((قلة تخصيصه بخصوص دليل)) فلو فرضنا انه كان بينهما عموم من وجه للزم تقديم الاستصحاب عليها لقوة ظهوره على ظهورها.
(١) حاصله : ان لسان دليل القرعة كما ورد في رواية زرارة انها أمارة ، لانه عليهالسلام قال بعد ان سئل ـ بما حاصله ـ : ان القرعة تخطئ وتصيب ، فاجاب عليهالسلام (ليس من قوم فوضوا امرهم الى الله ثم اقترعوا الا خرج سهم المحق) (١).
والمتحصّل من هذا ان القرعة هي الطريق الذي لا يخطئ في تعيين الواقع ، وهذا اللسان يدل على ان القرعة ان لم توجب القطع فلا اقل من كونها اقوى الامارات الظنية ، وقد عرفت فيما مرّ من ان الامارة واردة على الاستصحاب ورافعة لموضوعه حقيقة ، لان موضوعه متقوّم بكون الاخذ بخلاف المتيقن في حال الشك لا بد وان يكون من مصاديق نقض اليقين بالشك لا من نقض اليقين بالحجة ، لما عرفت من ان المراد من قوله ولكن تنقضه بيقين آخر هو الحجة لا خصوص صفة اليقين.
وعلى هذا فلما كانت القرعة بتسبيب من الله هي طريق الى تعيين الواقع فلا يكون الاخذ بالقرعة القائمة على خلاف المتيقن من نقض اليقين بالشك بل من نقض اليقين باليقين ، فتقديم الاستصحاب عليها المتقوّم بكونه نقضا لليقين بالشك يتوقف على تخصيص دليل القرعة ، وتخصيصه اما بلا مخصّص وهو باطل ، او يكون المخصص له هو نفس دليل الاستصحاب ، ولازمه الدور لتوقف التخصيص به على تحقق موضوعه ، وهو متوقف على عدم حجية دليل القرعة ، وعدم حجية دليل
__________________
(١) راجع وسائل الشيعة ج ١٨ ، باب ١٣ من ابواب كيفية الحكم حديث ٤.