إذا عرفت اختلاف الوضع في الجعل ، فقد عرفت أنه لا مجال لاستصحاب دخل ما له الدخل في التكليف إذا شك في بقائه على ما كان عليه من الدخل ، لعدم كونه حكما شرعيا ، ولا يترتب عليه أثر شرعي ، والتكليف وإن كان مترتّبا عليه إلّا أنه ليس بترتب شرعي (١) ،
______________________________________________________
فجوابه : انه كالخارج المحمول في كونه ليس بمتأصّل في الخارج لانه امر اعتباري ، وكل امر اعتباري ليس من الموجودات المتأصلة : أي ليس من المقولات الخارجية لانه لا جوهر ولا عرض ، اما انه في مقام حمله لا بد له من واسطة للحمل اما (ذو) او الاشتقاق فلم يتقدّم ذلك من المصنف.
(١) قد عرفت ان ما يطلق عليه الوضع عند القوم على انحاء ثلاثة ، وان النحو الاول ليس بمجعول تشريعي لا بالاستقلال ولا بالتبع بل هو مجعول تكويني ، وقد مرّ غير مرة انه لا بد في الاستصحاب من ان يكون المستصحب اما بنفسه مجعولا تشريعيا او كان موضوعا لاثر مجعول بلا واسطة .. ومنه تعرف ان هذا النحو الاول لا مجال لجريان الاستصحاب فيه ، لان الاستصحاب اما لعنوان السببية ـ مثلا ـ وهو عنوان انتزاعي عقلي من ذات السبب وليس لنفس عنوان السببية اثر جعلي شرعي ، واما لنفس ذات السبب فانه لا مجال له ايضا ، لان نفس ذات السبب امر تكويني لا مجعول تشريعي وليس موضوعا لاثر جعلي شرعي ، لان اثره اما عنوان السببية وهو امر عقلي او التكليف المسبب عنه ، والتكليف وان كان مجعولا تشريعيا الّا ان ترتبه على سببه عقلي لان وجود المعلول عند وجود علته امر عقلي لا شرعي. وقد اشار الى ما ذكرنا بقوله : ((اذا عرفت اختلاف الوضع في الجعل)) من كون بعضه جعله تكويني وبعضه مجعول تشريعي تارة بالتبع واخرى بالاستقلال ((ف)) لا بد انه ((قد عرفت)) من ذلك ((انه لا مجال لاستصحاب)) النحو الاول وهو ((دخل ما له الدخل في التكليف)) كالسببية والشرطية مثلا ((اذا شك في بقائه)) أي في بقاء ما له الدخل ((على ما كان عليه من الدخل)) وقد عرفت انه لا مجال لاستصحاب عنوان السببية