وأما النحو الثالث : فهو كالحجيّة والقضاوة والولاية والنيابة والحريّة والرقية والزوجيّة والملكيّة إلى غير ذلك ، حيث أنها وإن كان من الممكن انتزاعها من الاحكام التكليفية التي تكون في مواردها ـ كما قيل ـ ومن جعلها بإنشاء أنفسها ، إلّا أنه لا يكاد يشك في صحة انتزاعها من مجرّد جعله تعالى ، أو من بيده الامر من قبله ـ جلّ وعلا ـ لها بإنشائها ، بحيث يترتّب عليها آثارها ، كما تشهد به ضرورة صحة انتزاع الملكيّة والزوجيّة والطلاق والعتاق بمجرد العقد أو الايقاع ممن بيده الاختيار بلا ملاحظة التكاليف والآثار ، ولو كانت منتزعة عنها لما كاد يصحّ اعتبارها إلّا بملاحظتها (١) ، وللزم
______________________________________________________
المرحلتين لم يتعلق بهما الجعل التشريعي لانه في مرحلة التصور الجعل تكويني ذهني ، وفي مرحلة الماهية لا جعل اصلا لا تكوينا ولا تشريعا.
(١) هذا النحو الثالث هو الذي كان محل الخلاف بين الشيخ الاعظم : من كونها من المجعول بالتبع للتكليف بمعنى كون الملكية ـ مثلا ـ ليست من المجعولات بالاستقلال ، وانما هي منتزعة من الحكم التكليفي في موردها ، كجواز التصرّف في الشيء من بيعه وهبته وجواز الوطء في الزوجة وامثال هذه الاحكام التكليفية الثابتة في موارد هذه العناوين ، والمراد من الجعل بالتبع هو الجعل بالعرض كحرمة ترك الواجب وبالعكس من وجوب ترك الحرام ، دون ما كان له جعل نشأ من جعل آخر كوجوب مقدمة الواجب.
أو انها من المجعول بالاستقلال وانها بذاتها اعتبارات خاصة يترتب عليها احكام تكليفية في مواردها كما هو ظاهر المشهور ، ومختار المصنف.
وقبل الشروع في ما اقامه المصنف على كونها من المجعولات التشريعية بالاستقلال لا بالتبع لا بأس ببيان امور توضيحا لهذا النحو الثالث :