بأمر آخر ، وما لم يتعلّق بها الامر كذلك لما كاد اتصف بالجزئية أو الشرطية ، وإن أنشأ الشارع له الجزئية أو الشرطية ، وجعل الماهية واجزائها ليس إلّا تصوير ما فيه المصلحة المهمّة الموجبة للأمر بها ، فتصوّرها بأجزائها وقيودها لا يوجب اتصاف شيء منها بجزئية المأمور به أو شرطه قبل الامر بها بالجزئية للمأمور به أو الشرطية له إنما ينتزع لجزئه أو شرطه بملاحظة الامر به ، بلا حاجة إلى جعلها له ، وبدون الامر به لا اتصاف بها أصلا ، وإن اتصف بالجزئية أو الشرطية للمتصوّر أو لذي المصلحة ، كما لا يخفى (١).
______________________________________________________
(١) هذا النحو الثاني هو الذي لا يتطرق اليه الجعل التشريعي الاستقلالي ، وانما هو من المجعول التشريعي بالتبع ... وتوضيحه ببيان امور :
الاول : ان الجزئية والشرطية لها ثلاث مراتب :
الاولى : كون الشيء جزءا او شرطا في المرتبة الماهويّة ، فانه اذا كان مجموع امور يترتب عليها غرض واحد أو مصلحة واحدة يكون مجموع تلك الامور هو كل ما يترتب عليه ذلك الغرض ، وبعض تلك الامور هو بعض ما يترتب عليه ذلك الغرض او تلك المصلحة ، ومن هذا البعض ينتزع عنوان الجزئية الماهويّة ، واذا كان تأثير هذا المركب منوطا بشيء كان ذلك الشيء هو الشرط ومنه ينتزع عنوان الشرطية الماهويّة ، ولما كانت الماهية في مرتبة ماهويتها غير مجعولة : لا بالجعل التكويني ، لوضوح ان مجعوليتها تكوينا انما هي لها بحيث تترتب عليها الآثار بالفعل بناء على انها هي المجعولة بالاصالة ، او لوجودها بناء على اصالة الوجود واعتبارية الماهية ، ولا بالجعل التشريعي لما سيأتي من كون الجعل انما هو للماهية في مقام تعلق الامر والطلب بها.