فانقدح بذلك أنه لا مجال للاشكال في استصحاب مثل الليل والنهار وترتيب ما لهما من الآثار ، وكذا كلما إذا كان الشك في الامر التدريجي من جهة الشك في انتهاء حركته ووصوله إلى المنتهى ، أو أنه بعد في البين (١) ، وأما إذا كان من جهة الشك في كميته ومقداره ، كما في نبع الماء وجريانه ، وخروج الدم وسيلانه ، فيما كان سبب الشك في الجريان والسيلان الشك في أنه بقي في المنبع والرحم فعلا شيء من الماء والدم غير ما سال وجرى منهما ، فربما يشكل في استصحابهما حينئذ ، فإن الشك ليس في بقاء جريان شخص ما كان جاريا ، بل في حدوث جريان جزء آخر شك في جريانه من جهة الشك في حدوثه (٢) ، ولكنه يتخيل بأنه
______________________________________________________
ومنه ظهر : ان الاستصحاب في الحركة القطعية شخصي ، لان المستصحب فيها نفس هذا الواحد المتصل المستمر وهو شخص من الوجود متجدد بتحقق اللاحق من اجزائه بانعدام السابق من اجزائه. واما الاستصحاب في الحركة التوسطية فالمستصحب فيها كلي ثابت والاكوان المتجددة افراده ، نعم لو تم عدم صحة الاستصحاب في القسم الثاني من اقسام الكلي ـ وهو ما كان مرددا بين مقطوع الارتفاع ومشكوك الحدوث ـ لما جرى الاستصحاب في الحركة التوسطية ، لان الكلي فيها مردد بين مقطوع الارتفاع ومشكوك الحدوث ، إلّا انه قد عرفت جريان الاستصحاب فيه كما مر بيانه.
(١) بعد ما عرفت من عدم الاشكال في استصحاب الامور التدريجية بنحو الحركة القطعية والتوسطية ... تعرف انه لا مانع من جريان الاستصحاب في الليل والنهار فيما اذا شك في بقائه او انتهائه ويترتب على ذلك ما لهما من الآثار.
(٢) توضيحه : ان الشك في الجريان : تارة يكون للشك في وجود المانع عن الجريان مع العلم بان الكمية الموجودة في المنبع لو لا المانع يكون الجريان لها مستمرا ، وفي هذا الفرض لا اشكال في الاستصحاب ، وهو من قبيل الشك في الرافع الذي هو مما