وقد انقدح بذلك أنه لا مجال له في نفس النبوة ، إذا كانت ناشئة من كمال النفس بمثابة يوحى إليها ، وكانت لازمة لبعض مراتب كمالها ، إما لعدم الشك فيها بعد اتصاف النفس بها ، أو لعدم كونها مجعولة بل من الصفات الخارجية التكوينية ، ولو فرض الشك في بقائها باحتمال انحطاط النفس عن تلك المرتبة وعدم بقائها بتلك المثابة ، كما هو الشأن في سائر الصفات والملكات الحسنة الحاصلة بالرياضات والمجاهدات ، وعدم أثر شرعي مهم لها يترتب عليها باستصحابها (١).
______________________________________________________
الاستصحاب في الموضوع الاعتقادي لاجل ترتيب هذا الحكم الشرعي الذي هو وجوب معرفته ، فلا يتمكن المكلف من موافقة هذا الحكم في مقام الشك ، بل اللازم عليه ازالة الشك.
فاتضح : انه لا فرق بين الحكم الذي موضوعه هو العمل الجارحي او العمل الجانحي في جريان الاستصحاب وما هو شرط في جريان الاستصحاب فهو بالنسبة اليهما على حد سواء ، وعبارة المتن واضحة.
(١) بعد ما عرفت من ان الامامة والنبوة من الموضوعات الاعتقادية ، وبعد ان اشار الى الامامة من ناحية الاستصحاب وجريانه وعدم جريانه فيها ، اشار الى النبوة من حيث جريان الاستصحاب وعدمه ، وتفصيل الحال في ذلك ان نقول :
ان النبوة ان كانت هي مرتبة من الكمال للنفس بحيث تكون النفس بالغة حد الكمال ، الذي به تتلقى المعارف الالهية من دون توسط بشر يكون واسطة في تلقيه تلك المعارف ، وهذه من الصفات الواقعية التكوينية للنبي ، والنبي بهذا المعنى هو من فعيل بمعنى المفعول ، لانه هو المنبأ بالمعارف الالهية من دون وساطة ، ولا مجرى للاستصحاب في النبوة بهذا المعنى ، لان الاستصحاب منوط بالشك ولا شك لاحق بعد اليقين بنبوة النبي بهذا المعنى ... لان السبب للشك فيها :