ثم لا يخفى أنه يمكن إرجاع ما أفاده شيخنا العلامة ـ أعلى الله في الجنان مقامه ـ في الذّبّ عن إشكال تغاير الموضوع في هذا الاستصحاب من الوجه الثاني إلى ما ذكرنا ، لا ما يوهمه ظاهر كلامه ، من أن الحكم ثابت للكلي ، كما أن الملكية له في مثل باب الزكاة والوقف العام ، حيث لا مدخل للاشخاص فيها ، ضرورة أن التكليف والبعث أو الزجر لا يكاد يتعلق به كذلك ، بل لا بد من تعلقه بالاشخاص ، وكذلك الثواب أو العقاب المترتب على الطاعة أو المعصية (١) ، وكان غرضه من
______________________________________________________
العلم الاجمالي مانعا عن جريان الاستصحاب فيه. والى هذا اشار بقوله : ((او في موارد ليس المشكوك منها)) أي ان الاستصحاب يجري في المشكوك نسخه من احكام الشريعة السابقة ، لانه ليس من موارد المعلوم بالاجمال ((و)) ذلك لانه ((قد علم)) اجمالا ((بارتفاع ما)) كان في الشريعة السابقة ((في موارد الاحكام الثابتة في هذه الشريعة)) وهو بمقدار المعلوم بالاجمال ، وعلى هذا فيكون العلم الاجمالي بنسخ بعض أحكام الشريعة السابقة منحلا بالعلم الاجمالي ، بان الاحكام المنسوخة هي اجمالا في ضمن موارد الاحكام الثابتة في هذه الشريعة ، وبهذا العلم الاجمالي الثاني لا يكون العلم الاجمالي الاول مانعا عن جريان الاستصحاب فيما شك في نسخه من احكام الشريعة السابقة ، لما عرفت من لزوم كون المشكوك نسخه مما لم يثبت له حكم في هذه الشريعة ، وحيث انحصرت الاحكام المنسوخة بنحو الاجمال فيما يثبت له حكم في هذه الشريعة فلا محالة يكون المشكوك نسخه ليس منها ، فلا مانع من جريان الاستصحاب فيه.
(١) توضيح المقام ببيان امور : الاول : ان الشيخ في الرسائل اجاب عن الاشكال الاول بجوابين ، وستأتي الاشارة الى الجواب الاول ، والكلام فعلا في جوابه الثاني ، ونصّ عبارته (قدسسره) : ((وحلّه ان المستصحب هو الحكم الكلي الثابت للجماعة