ثم لا يخفى أن الاستصحاب لا يكاد يلزم به الخصم ، إلا إذا اعترف بأنه على يقين فشك ، فيما صح هناك التعبد والتنزيل ودل عليه الدليل كما لا يصح أن يقنع به إلا مع اليقين والشك والدليل على التنزيل (١).
______________________________________________________
بالاجمال لا ينافي العلم التفصيلي بحجية المدلول ، فحجية الاستصحاب معلومة تفصيلا لهذا العلم الاجمالي ، ولا تتوقف على ثبوت جميع احكام الشريعة السابقة.
فانه يقال : ان هذا العلم الاجمالي لا يوجب حجية الاستصحاب ، لانه اما دوري ، او يلزم من وجوده عدمه.
وتوضيح ذلك : ان اثبات هذا العلم الاجمالي لحجية الاستصحاب الجاري في أحكام الشريعة السابقة غير معقول ، لان حجية هذا الاستصحاب ان كان لبقاء جميع أحكام الشريعة السابقة قطعا فانه مفروض العدم ، لان المفروض الشك في ثبوت جميع احكام الشريعة السابقة وانما يراد اثباتها بواسطة الاستصحاب ، فيلزم الدور ان كان حجية الاستصحاب بالشريعة السابقة ، وان كان بواسطة الشريعة اللاحقة فحيث كان لازم ثبوت الشريعة اللاحقة نسخ احكام الشريعة السابقة يكون لازم حجية هذه الشريعة عدم جريان الاستصحاب لاثبات جميع احكام الشريعة السابقة ، لفرض نسخها بهذه الشريعة ، فحجية هذا الاستصحاب مقطوعة العدم بالفعل ، اما لعدم ثبوت الدليل عليها الا بنفس الاستصحاب فيلزم الدور ، او لثبوت دليل يقتضي عدم جريان هذا الاستصحاب فيلزم من جريان الاستصحاب في جميع احكام الشريعة السابقة عدم جريانه.
(١) لا يخفى ان السبب لعقد هذا التنبيه هو ما حكاه في القوانين من محاججة جرت بين كتابي وبعض السادة الافاضل ، فتمسك الكتابي لصحة بقائه على شريعة موسى بالاستصحاب فأفحم السيد الفاضل ، وقد عرفت من جميع ما ذكرنا انه لا يصح التمسك بالاستصحاب من الكتابي لا في اصل نبوة موسى في مقام احتمال نسخها ، ولا في جميع احكامها ايضا لاحتمال النسخ ، لا من باب الجدل والزام المسلم بلزوم