والمتوفى عنها زوجها صرح القرآن بأنها تبقى فى بيت الزوجية حولا لا يجوز للورثة وأولياء الميت أن يخرجوها منه ، وذلك بصريح القرآن الكريم ، فقد قال سبحانه وتعالى : (وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْواجاً وَصِيَّةً لِأَزْواجِهِمْ مَتاعاً إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْراجٍ فَإِنْ خَرَجْنَ فَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ فِي ما فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ مِنْ مَعْرُوفٍ وَاللهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) (٢٤٠). [البقرة : ٢٤٠]
فهذا النص الكريم يدل على أن المتوفى عنها زوجها لها أن تبقى فى بيت الزوجية الذى مات به الزوج حولا على أن يكون ذلك متاعا وحقا ، فلا يجوز إخراجها ، لأنه يكون انتزاعا لحقها ، ولكن يجوز لها أن تخرج ، وإن ذلك بلا ريب حفظ للمرأة من الضياع ، وصيانة لحرمة الزوج المتوفى.
الأمر الثالث : أن النفقة الزوجية تبقى فى العدة ، لقوله تعالى : (وَإِنْ كُنَّ أُولاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَ) والحمل لا يعرف إلا بعد الولادة ، فيفرض وجوده فى كل معتدة من طلاق ، وخصوصا أن قوله تعالى : (لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتاهُ اللهُ) [الطلاق : ٧] هو عام للحامل والحائل على سواء.
تنبيهان :
١٩٧ ـ يلاحظ أن المرأة فى الزواج لها حقوق ، وعليها واجبات ، وأن الزواج لا يفرض عليها من وليها ، بل لا بد من اختيارها ورضاها فى أصل العقد وفى المهر ، وقد نص على ذلك القرآن الكريم فى المهر ، فقال تعالى : (وَأُحِلَّ لَكُمْ ما وَراءَ ذلِكُمْ أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوالِكُمْ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسافِحِينَ فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً). [النساء : ٢٤]
ومنع القرآن الكريم بصريح اللفظ عضل المرأة بمنعها من الزواج ، أو تزويجها بمن لا تريد ، قال تعالى : (وَإِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْواجَهُنَّ إِذا تَراضَوْا بَيْنَهُمْ بِالْمَعْرُوفِ ذلِكَ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كانَ مِنْكُمْ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذلِكُمْ أَزْكى لَكُمْ وَأَطْهَرُ وَاللهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) (٢٣٢) [البقرة : ٢٣٢].
والتنبيه الثانى أن المرأة تأخذ نصيبها كما يأخذ الرجل نصيبه من المال مع التفاوت قال تعالى : (لِلرِّجالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوالِدانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَلِلنِّساءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوالِدانِ وَالْأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيباً مَفْرُوضاً) (٧) [النساء : ٧] وإن هذا النص الكريم فوق دلالته على وجوب توقير ميراث النساء يدل على أن ذمة المرأة منفصلة عن ذمة الرجل ، سواء أكان زوجا أم كان أبا أو أخا أو قريبا بأى درجة من درجات القرابة.