الأسرة فى الإسلام ممتدة :
١٩٨ ـ هذا لفظ استعرناه ممن يكتبون فى علم الاجتماع فى هذه الأيام ، فهم يقسمون الأسرة إلى قسمين ، قاصرة وممتدة ، ويقصدون بالقاصرة الزوجين ، وأولادهما ، ويقصدون بالممتدة ما يشمل ذوى القربى جميعا من أصول وفروع ، وحواش قريبة وبعيدة بحيث يشمل الأقربين وغيرهم.
وقد جاء الإسلام منظما العلاقة بين النوعين ، والقرآن فى محكم آياته تعرض لأحكام الزوجين والأولاد ولم يترك أحكام بقية ذوى القربى ، وقد حث بالنسبة لذوى القربى الذين يشملون الأسرة القاصرة أو الممتدة على مراعاة الرحم ، وذكر الواجبات إجمالا بالنسبة لصلة الأرحام ، فأوجب مراعاة هذه الصلة التى أوجدتها الفطرة ، ومهما تشعبت الفروع ، وتكاثرت ، فقال الله سبحانه وتعالى : (وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللهِ) [الأنفال : ٧٥] وجعل سبحانه وتعالى من أقرب القربات إلى الله تعالى إعطاء ذوى القرابة بسبب القرابة فقال تعالى : (لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلائِكَةِ وَالْكِتابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمالَ عَلى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقابِ وَأَقامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذا عاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْساءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ) (١٧٧) [البقرة : ١٧٧].
ونرى أنه سبحانه وتعالى جعل من أول أبواب البر إعطاء ذوى القربى بسبب القرابة ، لا لفقرهم ، ولا لحاجتهم ، ولكن صلة لهم ، وإبقاء لحبل المودة فى القربى أن يبقى.
والوصية بأولى القربى كثيرة فى القرآن الكريم ، ومن ذلك قوله تعالى : (وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً وَذِي الْقُرْبى) [البقرة : ٨٣] وقوله تعالى فى قسمة الميراث : (وَإِذا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُوا الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينُ فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلاً مَعْرُوفاً) (٨) [النساء : ٨]. وقوله تعالى : (قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى) [الشورى : ٢٣] ، فالمودة فى القربى أجر يعطيه العبد لربه ، وهكذا نجد نصوص القرآن.
١٩٩ ـ وقد ذكر القرآن الكريم حقوقا وواجبات متبادلة فى القرابة ، ونذكر منها ثلاثة :
أولها ـ أن الدية فى القتل الخطأ تجب على الأسرة ، وتعطى الأسرة ، فهى تجب على الأسرة بمعناها الممتد ، وقد قال تعالى : (وَما كانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِناً إِلَّا خَطَأً