وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلى أَهْلِهِ إِلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا فَإِنْ كانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَإِنْ كانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثاقٌ فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ) [النساء : ٩٢].
وبهذا نجد وجوب التعاون بين الأسرة بمعناها الممتد ، فهى تتعاون فى غرم الجرائم تدفعه ، وفى تعويضها تأخذه ، ولذلك لا يجب إلا إذا كانت الأسرة مؤمنة ، أو كان بينها وبين المسلمين ميثاق تجب بمقتضاه الديات ، ولا تسقط إلا إذا كان من قوم عدو للمؤمنين ، فإن الدية تكون إعانة لهم على الاعتداء.
ثانيها ـ أن الله أوجب للفقير العاجز عن الكسب نفقة على قريبة الغنى ، وقد ذكر القرآن الكريم ذلك فى قوله تعالى : (لَيْسَ عَلَى الْأَعْمى حَرَجٌ وَلا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ وَلا عَلى أَنْفُسِكُمْ أَنْ تَأْكُلُوا مِنْ بُيُوتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ آبائِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أُمَّهاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ إِخْوانِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخَواتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَعْمامِكُمْ أَوْ بُيُوتِ عَمَّاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخْوالِكُمْ أَوْ بُيُوتِ خالاتِكُمْ أَوْ ما مَلَكْتُمْ مَفاتِحَهُ أَوْ صَدِيقِكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَأْكُلُوا جَمِيعاً أَوْ أَشْتاتاً فَإِذا دَخَلْتُمْ بُيُوتاً فَسَلِّمُوا عَلى أَنْفُسِكُمْ تَحِيَّةً مِنْ عِنْدِ اللهِ مُبارَكَةً طَيِّبَةً كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمُ الْآياتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ) (٦١) [النور : ٦١].
ونجد أن الله سبحانه وتعالى ذكر فى القرآن الحكيم أنه لا إثم على من يأكل فى بيوت هؤلاء عند الاحتياج ، ونفى الإثم يشير إلى أنه حق ، إذ إن تناول الحقوق لا إثم فيه.
وقد يقال أن ذلك لم يكن مقتصرا على القرابة ، بل ذكر الصديق ، فدل على أن الحق ليس سببه القرابة ، ونقول أن ذلك الحق سببه العجز ابتداء ، ولذلك ذكر فى أول الآية ذوى العجز عن الكسب ، فكان الكلام كله فى أهل العجز ، ولكن الأخذ كان للقرابة ابتداء ، فإن لم تكن له قرابة يلزمها الشرع ، كانت المودة التى توجبها الصداقة مبررا للأكل ، وإن كان لا يلزم الصديق بذلك قضاء ، فإنه يجب عليه دينا ويأثم فيما بينه وبين الله ، إن كان قادرا ، ومع ذلك يترك صديقه يتضور جوعا ، ولذلك كانت المؤاخاة.
وفى ذلك إرشاد خلقى اجتماعى حكيم لواجبات الأصدقاء نحو أصدقائهم.
الحق الثالث حق الميراث :
ولذلك بعض التفصيل ، فقد ذكره القرآن مفصلا.