سورة المدثر
(يا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ) : هو لابس الدثار ؛ وهو ما فوق الشعار ، لأنه الذي يلي الشعار ، ومنه قول النبي صلىاللهعليهوسلم : " الأنصار شعار ، والناس دثار" قيل : إنها أول سورة نزلت ، وعن جابر (١) وعن الزهري أن أول سورة نزلت اقرأ.
(وَثِيابَكَ فَطَهِّرْ) قيل : نقها من النجاسات ، وقيل : قصّر لمخالفة العرب وقيل : أمر بتطهير النفس (٢) من قولهم : " فلان طاهر الأردان والجيب" ، إذا وصفوه بالنقاء من المعايب وفلان دنس الثياب كناية عن الغدر.
(وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ) : المعنى لا تعط مستكثرا لما تعطيه.
(فَإِذا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ) : نفخ في الصور.
(وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيداً) : يجوز أن يكون حالا من" الله" على معنيين ، أحدهما : ذرني وحدي معه فأنا أنتقم منه ، والثاني : خلقته وحدي لم يشركني في خلقه أحد ، أو حال من المخلوق أي : خلقته وحيدا فريدا لا مال له ، قيل نزلت في الوليد بن المغيرة. وكان يلقب في قومه بالوحيد. ولعله لقب بعد نزول الآية.
(مالاً مَمْدُوداً) : مبسوطا ، واختلف في كميته ، فقيل : ألف مثقال ، وقيل أربعة آلاف وقيل : تسعة ، وقيل : ألف ألف ، وعن ابن جريج : " غلة شهر بشهر".
(وَبَنِينَ شُهُوداً) قيل : كانوا عشرة ، وقيل ثلاثة عشر كلهم رجال ، قيل أسماؤهم الوليد بن الوليد وخالد ، وعمارة ، وهشام ، والعاص ، وقيس ، وعبد شمس ، أسلم منهم ثلاثة خالد وهشام وعمارة.
__________________
(١) روى البخاري عن جابر أنه كان يقول : أول شيء نزل من القرآن (يا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ) وروى البخاري ومسلم عن الزهري قال : أخبرني أبو سلمة بن عبد الرحمن عن جابر بن عبد الله قال : سمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم وهو يحدث عن فترة الوحي ، فقال في حديثه : " فبينما أنا أمشي إذ سمعت صوتا من السماء ، فرفعت رأسي ، فإذا الملك الذي جاءني بحراء جالس على كرسي بين السماء والأرض ، فجئثت منه رعبا ، فرجعت فقلت : زملوني زملوني فدثروني ، فأنزل الله تعالى : (يا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ)" ويقتضي هذا الحديث أنه قد نزل الوحي قبل هذا لقوله : " فإذا الملك الذي جاء بحراء" وهو جبريل أتاه بقوله : (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ ...) ثم إنه حصل بعد ذلك فترة ، ثم نزل الملك بعدها.
(٢) وهو قول قتادة ومجاهد وإبراهيم والضحاك والشعبي والزهري ، وقال ابن عباس : لا تلبسها على معصية ولا قذر ، والعرب تقول في وصف الرجل بالصدق والوفاء : طاهر الثياب ، وتقول للفاجر والغادر : دنس الثياب.