النّسأ من أنسأه إذا أخره ، وقيل : فعيل بمعنى مفعول ، والأول أولى ، وفي الغريب : إنما النسوء على فعول (١).
وعن جعفر بن محمد : إنما النّسي بإسكان السين والياء من غير همز أصله عنده النسء (٢) أبدلت الهمزة ياء ، وعن أبي جعفر (٣) النّسيّ بالتشديد من غير همز.
(انْفِرُوا) النفور في الأصل : الانزعاج والتجافي عن الشيء تقول : نفرت عنه ، والمعنى : ابرزوا إلى الجهاد بسرعة ، قيل : لا يقال انفروا إلا إلى الجهاد أو للحاج من منى.
(عَرَضاً قَرِيباً) العرض : ما يحصل من منافع الدنيا ، والقريب : السهل بالتناول.
(وَسَفَراً قاصِداً) سهلا لا طول فيه ، وقيل : هينا غير شاق ، القاصد والقصد : المعتدل.
(بَعُدَتْ عَلَيْهِمُ الشُّقَّةُ) : المسافة البعيدة ، وقيل : الشّقة : القطعة من الأرض يشق ركوبها على صاحبها لبعدها ، ويحتمل أن تكون مشتقة من الشق وهو القطع ، أو من المشقة وهو التعب وربما قالوه (٤) بالكسر يريدون الشقة.
(وَلكِنْ كَرِهَ اللهُ انْبِعاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ) الانبعاث : الخروج ، وثبطهم : شغلهم ، وأثبطه المرض : إذا لم يفارقه.
(وَلَأَوْضَعُوا خِلالَكُمْ) الوضيع : سير الدابة بالإسراع تقول : وضعت الدابة تضع وضعا وأوضعتها أنا ، والخلال بمعنى : الوسط ، وقيل : الخلال هاهنا جمع خلل وهو الفساد في الأمر ، والمعنى : لأسرعوا بينكم يلقون النميمة والهزيمة.
(وَلا تَفْتِنِّي أَلا فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُوا) الفتنة في الأصل : الاختبار ، من فتنت الدينار إذا عرضته على النار ، وأجمع المفسرون أنها نزلت في جد بن قيس المنافق لما تأهب النبي صلىاللهعليهوسلم لغزوة تبوك فقال له : يا جد هل لك في جلاد بني الأصفر تتخذ منهم سراري ووصفاء ، فقال : يا رسول الله أنا رجل مغرم بالنساء وأخشى أن أفتن
__________________
(١) النسوء قراءة مجاهد ورويت هذه القراءة عن طلحة والسلمي.
(٢) قراءة النسي مروية عن شبل السلمي وطلحة والأشهب.
(٣) قراءة أبي جعفر وورش عن نافع النسيء.
(٤) هي قراءة عيسى بن عمر.