رأيتها فذكرها الله تعالى كما قالوا ، وقيل : هي على بابها ؛ وهي رؤياه التي رآها من أنه يدخل مكة ، وقيل : رأى في النوم أن أولاد الحكم يتداولون منبره كما يتداول الصبيان الكرة.
(وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ) قيل : المراد شجرة الزقوم ، فإن قلت : في أي موضع لعنت ، قلت : إنما لعن طاعمها من الكفرة ، وإنما وصفت بلعن أصحابها من الكفرة على المجاز. وقيل : وصفها الله تعالى باللعن لأن اللعن الإبعاد من الرحمة ، وقيل : العرب تقول لكل طعام مكروه ملعون ، فيقولون : صاب ملعون ، وقرأت بالرفع والتقدير : والشجرة الملعونة ، فكذلك ، وقيل : أبو جهل ، وقيل : الشيطان ، وقيل : الكشوث الذي يلتوي على الشجر فيجففه ، وقال الجوهري الكشوث : شجرة يلتوي على الشجر فيجففه من غير أن يضرب بعرق في الأرض قال الشاعر :
هو الكشوث فلا أصل ولا ورق |
|
ولا نسيم ولا ظل ولا ثمر |
(وَلَقَدْ كَرَّمْنا بَنِي آدَمَ) : كرمه بأوصاف لم تكن في غيره من الحيوان ؛ العقل والنطق والتمييز والخط واعتدال القامة ، وقيل : تسليط بني آدم على ما في الأرض وتسخير ذلك لهم ، وقيل : أكلهم بأيديهم.
(إِذاً لَأَذَقْناكَ ضِعْفَ الْحَياةِ وَضِعْفَ الْمَماتِ) المراد بالحياة : الآخرة ، والمراد بضعف الممات : عذاب القبر ، وأن يضاعف الآخرة ويضاعف عذاب القبر.
(لِدُلُوكِ الشَّمْسِ) دلوك الشمس : زوالها إلى وقت غروبها ، واللام بمعنى عند الدلوك : الميل ، ومعنى اللفظ يجمعهما ، والشمس تميل إذا زالت أو غربت والحمل على الزوال أولى القولين لكثرة (١) القائلين به ولكونه جامعا لمواقيت الصلاة كلها ، لأن دلوك الشمس يتناول صلاة الظهر والعصر إلى غسق الليل ، ويتناول المغرب والعشاء.
(وَقُرْآنَ الْفَجْرِ) : صلاة الصبح ، وغسق الليل : ظهور ظلمته.
(قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلى شاكِلَتِهِ) أي : على مذهبه وطريقه التي تشاكل حاله في الهدى والضلالة ، من قولهم : طريق ذو شواكل ، يؤيده تمام الآية (فَرَبُّكُمْ أَعْلَمُ
__________________
(١) قال القرطبي : هذه الآية بإجماع من المفسرين إشارة إلى الصلوات المفروضة.