سافت يعني هلكت أموالهم خرجوا إلى برار من الأرض فضربوا على أنفسهم الأخبية ثمّ تناوبوا فيها حتّى يموتوا من قبل أن يعلم بخلتهم حتى نشأ هاشم ابن عبد مناف ، فلما نبل وعظم قدره في قومه قال يا معشر قريش إنّ العزّ مع الكثرة ، وقد أصبحتم أكثر العرب أموالا وأعزّهم نفرا ، وإنّ هذا الاعتفاد قد أتى على كثير منكم ، وقد رأيت رأيا.
قالوا : رأيك راشد فمرنا نأتمر قال : رأيت أن أخلط فقراءكم بأغنيائكم فاعمد إلى رجل غني ، فأضم إليه فقيرا عياله بعدد عياله فيكون يوازره في الرحلتين رحلة الصيف إلى الشام ورحلة الشتاء إلى اليمن ، فما كان في مال الغني من فضل عاش الفقير وعياله في ظله وكان ذلك قطعا للاعتفاد (١).
قالوا نعم ما رأيت فألف بين الناس (٢).
وتفصيل الخبر بتفسير السورة عند القرطبي وبعضه بمادة (عفد) من لسان العرب وأكثر لفظ الخبر من القرطبي عن ابن عباس انه قال :
إن قريشا كانوا إذا أصابت واحدا منهم مخمصة (٣) جرى هو وعياله إلى موضع معروف ، فضربوا على أنفسهم خباء فماتوا ، حتى كان عمرو بن عبد مناف ، وكان سيدا في زمانه ، وله ابن يقال له : أسد ، وكان له ترب (٤) من بني مخزوم ، يحبه ويلعب معه ، فقال له : نحن غدا نعتفد وتأويله : ذهابهم إلى ذلك الخباء ، وموتهم واحدا بعد واحد.
قال : فدخل أسد على أمّه يبكي ، وذكر ما قاله تربه.
قال : فأرسلت أم أسد إلى أولئك بشحم ودقيق ، فعاشوا به أياما ، ثم إن تربه أتاه أيضا فقال : نحن غدا نعتفد ، فدخل أسد على أبيه يبكي ، وخبره خبر
__________________
(١) في الاصل نحتفد والاحتفاد تحريف.
(٢) تفسير السيوطي ٦ / ٣٩٧.
(٣) المخمصة : المجاعة.
(٤) الترب (بالكسر) : اللدة ومساويك في السن ومن ولد معك.