وأمّا المنقطع : فالمعنى : لا يذوقون فيها الموت ألبتة ، لكن الموتة الأولى قد ذاقوها في الدنيا.
وقال قطرب (١) : «فيها» ههنا زائدة ، أدخلت للتأكيد.
والمعنى : أهل الجنة لا يذوقون الموت إلا الموتة التي ذاقوها في الدنيا.
وقوله تعالى : (وَما كانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِناً إِلَّا خَطَأً) (٢).
قال يونس (٣) وأبو عبيدة (٤) : معنى «إلا» ههنا الواو.
المعنى : ولا خطأ.
وكذلك قوله تعالى : (إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا) (٥) المعنى : ولا الذين ظلموا.
وأنكر الفرّاء كليهما (٦) وقال : هذا خطأ ؛ لأنّ «إلا» لا يخرج عن
__________________
(١) هو محمد بن المستنير ، كان مولى سلم بن زياد ، وسمي قطربا لقول سيبويه ـ وكان يخرج بالأسحار فيجده على بابه حريصا على التعلم ـ فقال له : ما أنت إلا قطرب ليل.
والقطرب : دويبة تدبّ ولا تفتر.
أخذ عن سيبويه ، وله كتاب في القرآن حسن كثير الفوائد ، لم يطبع بعد ، وله «الأضداد» وقد طبع مؤخرا.
(٢) سورة النساء : آية ٩٢.
(٣) هو يونس بن حبيب شيخ سيبويه ، أخذ عن حماد بن سلمة ، وعيسى بن عمر ، وأبي عمرو ويقال : إنه أسنّ حتى جاوز المائة ، توفي سنة ٢٠٤ ه.
(٤) اسمه معمر بن المثنى ، كان أوسع الناس علما بأخبار العرب وأيامها ، وهو من أهل الكوفة وكان أعلم بالنسب من الأصمعي ، وكان الأصمعي أعلم بالنحو منه ، له «مجاز القرآن» مطبوع ، توفي سنة ٢٠٤ ه.
(٥) سورة البقرة : آية ١٥٠.
(٦) وعبارة الفراء :
وقد قال بعض النحويين : «إلا» في هذا الموضع بمنزلة الواو ، كأنه قال : «لئلا يكون للناس عليكم حجة» ولا الذين ظلموا. ـ