الاستثناء إلى النسق حتى يتقدم عدد لا يصلح أن يستثنى منه ، فيجري مجرى الواو حينئذ ، وأمّا ههنا فلا يجوز.
وأمّا غيره من أهل المعاني فقد أجازوا ذلك ، واحتجوا بآي من القرآن والأشعار فمنها قوله تعالى : (إِلَّا مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ فَأَتْبَعَهُ) (١).
معناه : ومن استرق السمع فأتبعه شهاب ثاقب.
ـ وأمّا الإثبات في معنى المنقطع فمنها قول الشاعر :
١١٩ ـ ليس عليك عطش ولا جوع |
|
إلا الرقاد والرّقاد ممنوع |
معناه : لكن الرقاد ممنوع.
وقال الآخر :
١٢٠ ـ نجا سالم والنفس منه بشدقه |
|
ولم ينج إلا جفن سيف ومئزرا |
__________________
ـ فهذا صواب في التفسير ، خطأ في العربية ، إنما تكون «إلا» بمنزلة الواو إذا عطفتها على استثناء قبلها ، فهنالك تصير بمنزلة الواو ، كقولك : لي على فلان ألف إلا عشرة إلا مائة ، تريد ب «إلا» الثانية أن ترجع على الألف ، كأنك أغفلت المائة فاستدركتها فقلت : اللهم إلا مائة ، فالمعنى : له عليّ ألف ومائة ، وأن تقول : ذهب الناس إلا أخاك ، اللهم إلا أباك ، فتستثني الثاني ، تريد : إلا أباك وإلا أخاك ، كما قال الشاعر :
ما بالمدينة دار غير واحدة |
|
دار الخليفة إلا دار مروانا |
كأنه أراد : ما بالمدينة دار إلا دار الخليفة ودار مروان.
راجع معاني القرآن ١ / ٩٠.
(١) الآية ١٨ من سورة الحجر (فَأَتْبَعَهُ شِهابٌ مُبِينٌ.)
١١٩ ـ البيت لم ينسب.
وهو في تفسير القرطبي ١ / ٢٩٤.
١٢٠ ـ البيت لأبي خراش الهذلي.
وهو في الصاحبي ص ١٨٧ ، وديوان الهذليين ٣ / ٢٢ ، ومجالس ثعلب ٢ / ٥٢٤ ، واللسان مادة جفن. ـ