وقال آخر :
٥٩٦ ـ هذا لعمركم الصّغار بعينه |
|
لا أمّ لي إن كان ذاك ولا أب |
فنصب الأول ورفع الثاني ، وجرير رفعهما معا.
وقال الله تعالى : (فَلا صَرِيخَ لَهُمْ وَلا هُمْ يُنْقَذُونَ) (١).
ـ وقيل : إن قوله : (فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ) الآية جواب ، كأنه سئل : فيه رفث أو فسوق؟ فنزل جوابا (فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ ،) ونحوه قوله : (لا رَيْبَ فِيهِ.)
والفرق بينهما أنّ من قال : هل من رجل في الدار؟ فجوابه لا رجل في الدار ، وإذا قلت : هل رجل؟ فجوابه : لا رجل في الدار ؛ لأنك إذا قلت : هل رجل في الدار؟ جاز أن يكون في الدار رجلان وأكثر منهما.
وإذا قلت : هل من رجل في الدار؟ يكون استفهاما عن الواحد. فإذا قلت : لا رجل في الدار فهو نفي عام. فقد أخبرت أنه ليس في الدار رجل ولا أكثر ، منها كذلك لا ريب فيه.
وأما قوله : (لا فِيها غَوْلٌ وَلا هُمْ عَنْها يُنْزَفُونَ) (٢) ، فلأن «لا» لا تقوى على أن تعمل إذا فصل بينها وبين النكرة التي تليها فرفع «غول» على الابتداء. ولم تعمل «لا» فيه لأن «فيها» فاصلة بينهما فافهم.
وقال الفراء (٣) : إنما نصب ما بعد «لا» ليخرج «لا» من معنى غير إلى معنى ليس ، والله أعلم بالصواب.
__________________
٥٩٦ ـ البيت اختلف في قائله فقيل لضمرة بن ضمرة ، وقيل لرجل من مذحج. وهو من شواهد ابن عقيل ١ / ٤٠١ ؛ ومغني اللبيب ص ٧٧٣ ؛ وكتاب سيبويه ١ / ٣٥٢ ؛ والمقتضب ٤ / ٣٧١.
(١) سورة يس : آية ٤٣.
(٢) سورة الصافات : آية ٤٧.
(٣) انظر معاني القرآن ٢ / ٣٨٥.